تروي هاندي فرات لوكالة فرانس برس قصة أشهر مكالمة هاتفية في تاريخ تركيا ليلة وقوع المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو الماضي، عندما اتصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالمذيعة في قناة «سي ان ان تورك» ليدعو أنصاره للنزول إلى الشارع.
وعبر هاتف مقدمة البرامج المعروفة، ندد اردوغان بمحاولة الانقلاب داعياً أنصاره إلى القضاء عليه.
وتعد المكالمة التي جرت عبر تطبيق «فايس تايم» التابع لشركة ابل، نقطة تحول حاسمة في محاولة الانقلاب.
وجعلت هذه المكالمة من فرات، مديرة مكتب «سي ان ان ترك» في أنقرة، وهي صحافية معروفة بالفعل ونجمة في تركيا، رمزاً لليلة الانقلاب، وأصبح هاتفها حتى سلعة شهيرة يتسابق الكثيرون لعرض مبالغ طائلة عليها لشرائه.
وتقول الصحافية في مقابلة مع وكالة فرانس برس في اسطنبول «لم أبع هاتفي».
وأكدت فرات أن الهاتف «حالياً محفوظ في درجي، لا استخدمه ولكن احتفظ به في درجي خوفاً من أن أوقعه وأكسره».
وبحسب الصحافية، فإن رجال أعمال من السعودية وقطر وتركيا عرضوا عليها شراء الجهاز الذي يعتبر أنه لعب دوراً حاسماً في تغيير مسار الانقلاب.
توتر
ليلة 15 يوليو حاولت مجموعة من العسكريين في أنقرة واسطنبول الإطاحة بنظام الرئيس رجب طيب اردوغان، ونسبت السلطات هذه المحاولة إلى الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وقد أفشلتها قوات الأمن الموالية للحكومة وآلاف الأتراك الذين نزلوا إلى الشوارع.
وهاجم الانقلابيون مقر التلفزيون الرسمي «تي ار تي» وأجبروا صحافية على قراءة بيان يعلنون فيه تسلمهم السلطة.
وسيبقى ظهور اردوغان الذي كان يمضي عطلة في مرمريس غرب البلاد، في وقت متأخر من اليوم بعد بدء الانقلاب على شاشة «سي ان ان تورك»، وهي القناة الخاصة الأوسع انتشاراً في تركيا، أحد المشاهد التي طبعت هذه الليلة الدراماتيكية.
وبالنسبة لفرات، فإنها أرادت وقت المكالمة التركيز فقط على المقابلة دون التفكير بالتأثير المحتمل بعدها، وتقول «عندما كنت على الهواء بشكل مباشر، كنت متوترة للغاية وقلقة جداً، تقوم بالتركيز على عملك في تلك اللحظة».
وتوضح «بدلاً من التفكير بماذا سيحدث بعدها، عليك التركيز على الرئيس الذي ما زال على قيد الحياة وتراه عبر شاشة ذلك الهاتف، قمت بالتركيز على عملي وآملت ألا ينقطع الإرسال».
وتستذكر الصحافية «كانت يدي ترتجف، وكنت أشعر بالقلق إن كانت الكاميرا تظهره (اردوغان) في شاشة كاملة وإن كان ينبغي طرح هذا السؤال أو ذلك السؤال».
وتروي فرات أنها كانت تشعر بالقلق من الفوضى التي كانت ستبدأ في تركيا، بعد قصف مقر البرلمان في العاصمة أنقرة واندلاع اشتباكات في قواعد عسكرية، وتتابع «قلت +يا إلهي، هل أصبحنا دولة أخرى؟ هل تندلع حرب أهلية؟ على أي صباح سنستيقظ؟».
وأدت مكالمة اردوغان مع «سي ان ان تورك» إلى انهاء حالة عدم اليقين، وتوجه بعدها إلى اسطنبول وهزم الانقلاب في ذلك الصباح.
وبعد المقابلة، اقتحمت مجموعة من الجنود الانقلابيين مقر مجموعة دوغان الإعلامية التي تضم مقر القناة، في اسطنبول ثم انقطع بث التلفزيون.
وبعد فشل محاولة الانقلاب، عادت القناة إلى البث وثم قامت عدة مرات بإعادة بث مقابلة فرات مع اردوغان.
ومنذ محاولة الانقلاب تجرى عمليات تطهير واسعة وتستهدف خصوصاً وسائل الإعلام والصحافيين الأتراك.
واعتقل أكثر من 35 ألف شخص في تركيا في اطار التحقيقات الجارية إثر الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بحسب أرقام الحكومة، وتتهم السلطات التركية الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في ولاية بنسلفانيا الأميركية بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل وهو ما ينفيه بشدة.
وتؤكد فرات إنها عرفت مقدار تأثير مكالمتها الهاتفية إثر تلقيها مجموعة كبيرة من رسائل الدعم والشكر من تركيا وأماكن أخرى في العالم بعد ذلك.
وأكدت لوكالة فرانس برس «تلقيت رسائل من العالم العربي عبر حسابي على موقع تويتر تقول +شكراً+، هذا هاتف الحرية، وإنت تمكنت من تغيير مصير المنطقة».
ورداً على سؤال حول إن كانت الشهرة والدعاية الكبيرة التي حصلت عليها ستطغى على عملها، أجابت فرات «أفكر بهذا في بعض الأحيان (…) ولكن أعلم أنه من واجبي قول الحقيقة والحديث عن تلك الليلة».
أضف تعليق