هو اليوم «الحلم» الذي تحوّل إلى كابوس. يوم «الخروج الكبير» من حلب المدمرة، بعد حصار خانق انتهى بتهجير قسري لعشرات آلاف العائلات. فبعد العرقلة الناجمة عن الشروط الإيرانية، عادت موسكو أمس وتولّت زمام الأمور بفرضها اتفاق الهدنة وتأمين ضمان خروج مئات الجرحى والمدنيين الذين وصلوا بعد الظهر إلى ريف حلب الغربي، فيما يُتوقع أن يتوجّه المقاتلون إلى إدلب.
دموع الأمهات والأهالي الذين أجبروا على ترك منازلهم، والعبارات التي ملأت الجدران آملة في العودة القريبة، عكست الصراع الذي عاشه الحلبيون في أيامهم الأخيرة داخل مدينتهم، لكنّهم رغم ذلك فضلوا إحراق مقتنياتهم قبل الرحيل حتى لا تقع بأيدي «الغريب»، تاركين خلفهم أحبتهم وأشلاءهم تحت الأنقاض، بعدما عجز الدفاع المدني عن انتشالها.
وفي حين وصف «الصليب الأحمر» الخطوة الأولى من الإجلاء بـ«الإيجابية»، قال مدير العمليات في المنظمة، روبرت مارديني إن «التقرير الذي حصلنا عليه من الداخل، وما أبلغني به زملائي فاجع، الناس منهكون تمامًا، ومصابون بخيبة أمل شديدة، لكنهم كانوا سعداء لرؤيتنا وممتنين لوجودنا هناك على الرغم من أننا خذلناهم، لأن ما قمنا به محدود للغاية».
ولم تمر الساعات الأولى لبدء الهدنة أمس من دون خروقات، قبل أن يتعهّد الطرف الروسي لمفاوض المعارضة بعدم تكرار الأمر، مما أدّى إلى إعادة العمل على تنظيم الخروج عبر دفعات بالحافلات الخضراء التي باتت الوسيلة المعروفة لـ«التهجير القسري» والمعتمدة من قبل النظام لنقل الأهالي من مناطقهم.
رئيس النظام بشار الأسد ظهر عبر صفحة رئاسة الجمهورية السورية على موقع «فيسبوك»، «مباركًا» ما سماها «كتابة تاريخ» في حلب، وقال: «أريد أن أؤكد أن ما يحصل اليوم هو كتابة التاريخ، يكتبه كل مواطن سوري».
بدوره، أوضح عضو المجلس المحلي في حلب، بشر حاوي لـ«الشرق الأوسط» أن «السرعة في التوصل إلى اتفاق أدت إلى إرباك في طريقة خروج العائلات، لكن نعمل في المجلس المحلي على إعداد قوائم بأسماء العائلات وترقيمها بحيث يتم إعطاء كل منها الوقت المحدد لانطلاقها»، مؤكدا أنّ هناك ما لا يقل عن 70 ألف شخص؛ بينهم 4 آلاف مقاتل، مشيرا إلى أنه «لغاية الآن ليست هناك إحصاءات دقيقة بسبب المعابر المفتوحة التي كانت بعض العائلات تخرج عبرها من الأحياء الشرقية». وتوقّع حاوي أن تستمر عملية الإجلاء بين 3 و5 أيام، مشيرًا إلى أن الجميع سيتوجّه إلى الريف الغربي، ومن هناك ستختار الفصائل الوجهة التي تريد الذهاب إليها. ولفت إلى أن مجلس محافظة حلب يعمل على التحضير لاستقبال العائلات النازحة عبر تأمين أماكن إيواء لها.
أضف تعليق