قال كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز إن تركيا وإيران تتجهان نحو التصادم بسبب انخراطهما في الصراعات الطائفية العميقة في العراق وسوريا، بوصفهما أكبر قوتين تمثلان السنة والشيعة في المنطقة، وفق ما جاء في مقال له نشرته اليوم صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ويُعد التنافس بين أنقرة وطهران تكرارا لصراع قديم بينهما يعود إلى عصر الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية للسيطرة على بلاد الرافدين المعروفة اليوم باسم العراق وسوريا. ومع أن الندية بينهما بقيت إلى ما بعد تحولهما إلى دولتين قوميتين، فإن كلاً من تركيا وإيران تمكنتا من المحافظة على السلم بينهما قرابة مئتي عام.
ويقول المحلل في مقاله إن عجز تركيا وإيران عن التوافق فيما بينهما يحمل في طياته نذر تقويض أو حتى إفساد العلاقات المتينة التي عملت الدولتان على تطويرها طوال العقدين الماضين، وتجلى ذلك في ارتباط اقتصاديهما على نحو مطرد.
ويرى أن اختيار الدولتين للكيفية التي يستغلان بها قوتهما وما إذا كانتا ستتجاوزان خلافاتهما أمران في غاية الأهمية لتحديد مستقبل الشرق الأوسط.
وينبع تدخل تركيا عسكريا في سوريا والعراق في جزء منه من تصورها أن إيران تتمدد رويدا رويدا في مجال نفوذها التاريخي، لا سيما في حلب ومحيطها وساحات المعارك في الموصل القريبتين من حدودها الجنوبية. كما أنه يأتي للحيلولة دون تحقيق حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري التابع لـ حزب العمال الكردستاني العدو الرئيسي لتركيا، مكاسب على الأرض.
وأوضح المحلل في مقاله أن الخلاف بين الدولتين ووكلائهما يتفاقم على نحو مقلق، في وقت وصلت فيه الثقة المتبادلة بينهما “إلى الحضيض”.
وفي المقابل، ترى إيران أن سياسة تركيا تجاه سوريا في الأساس ما هي إلا “نتاج طموح عثماني جديد” لاستعادة النفوذ وتمكين حلفائها السنة من الأراضي التي كانت تحت حكم أسلافها. كما أن طهران تنحي باللائمة على أنقرة لأنها لم توقف تدفق “المجاهدين” المتوجهين إلى سوريا عبر الأراضي التركية، ولتقديمها الدعم اللوجستي والمالي لهم.
من جانبه، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إيران بقتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق فقط لكي تحل محله. وتعتقد أنقرة كذلك أن قيام طهران بحشد المليشيات الشيعية من لبنان والعراق وأفغانستان لحماية حكم الأقلية العلوية على حساب الأغلبية السنية في سوريا زاد طين التوترات الطائفية بلة، مما منح “المتطرفين” السنة أداة تجنيد فعالة.
ولتغيير هذا المسار التصادمي وتجنب ما هو أسوأ، قال فايز إن على تركيا وإيران التغلب على حالة عدم الثقة التي تكتنف علاقتهما والإقرار صراحة ولو لمرة واحدة بمصالح كل منهما الجوهرية وبمخاوفهما الأمنية.
ونصح المحلل الطرفين بإقامة قناة تواصل على مستوى عالٍ للتفاوض بشأن العراق وسوريا، وإيجاد سبل لتعزيز التعاون المشترك وتبادل المعلومات الاستخبارية من أجل محاربة أعدائهما المشتركين وتجنب أي اشتباك عرضي.
وكخطوة أولى، ينبغي على إيران أن تكبح جماح المليشيات الشيعية في محافظة نينوى شمال العراق، مقابل موافقة تركيا على سحب دباباتها والأسلحة الثقيلة الأخرى من هذه المنطقة
أضف تعليق