نشأ الأرجنتيني كارلوس تيفيز في الأحياء الخطرة لمنطقة «فويرتي اباتشي» في بوينس آيرس، وسط فقر، يمنعه من شراء حذاء جديد، ليصبح خلال ثلاثة عقود، اللاعب الاعلى أجراً في تاريخ كرة القدم.
في 32 عاماً، قطع المهاجم الدولي الارجنتيني شوطا طويلا أشبه بالاحلام، تخللته مسيرة احترافية في اوروبا، يتوّج حاليا بالانتقال من بوكا جونيورز الى شنغهاي غرينلاند الصيني، حيث سيتقاضى راتبا سنويا يناهز 40 مليون يورو.
والمبلغ هو أعلى راتب للاعب في التاريخ، علما بأن آخرين يحققون دخلا سنويا أكبر، لكنه يكون مزيجا من راتب وعقود اعلانية وغيرها.
الا ان درب كارلوس لم يكن على الدوام مفروشا بالورد والاموال؛ فبعدما هجره والداه، تبناه قريبه سيغوندو تيفيز الذي اعتاد الطفل سريعا على مناداته «بابا». وبفضله، تمكّن كارلوس الصغير من البقاء بعيدا عن يوميات العنف والدم في احياء منطقته، التي كانت تنعكس سلبا على كل المحيطين به من افراد العائلة والاصدقاء.
بعد 12 عاما، عاد تيفيز من حصة تدريبية مع نادي بوكا جونيورز، ليجد ان سيغوندو، عامل البناء الفقير، قد باع المنزل بسعر متدنٍّ، وخسر عمله ايضا، في خضم ازمة اقتصادية خانقة.
كافح الرجل وزوجته لاطعام أولادهما الخمسة، الا ان الشاب كارلوس كان يحمل بعضا من الامل للعائلة، اذ بات يحصل على اجر شهري يوازي 200 دولار اميركي.
ولد تيفيز لخوان كارلوس كابرال وأم هي وفابيانا مارتينيز، ولم ينس يوما جميل سيغوندو تيفيز الذي منحه اسمه ورعايته.
ويقول كارلوس بيانكي، المدرب الذي احرز تحت قيادته تيفيز غالبية القابه مع بوكا جونيورز، ان نجاح اللاعب سببه «كبرياؤه وتصميمه».
ويضيف «عليك ان تراه يركض في الملعب لتفهم. كان مختلفا عن الآخرين، يقاتل على كل كرة وكأنها الاخيرة.. هو متعطّش دائما».
وتبدو على تيفيز ندوب الطفولة القاسية، أكانت نفسية أو جسدية. وتظهر جليا على عنقه آثار حروق تسببت فيها مياه ساخنة حين كان يبلغ من العمر تسعة أشهر، تطلبت تمضيته شهرين في المستشفى.
اطلقت عليه كنيات عدة، منها «الاباتشي» (وهي تسمية تجمع في الوقت نفسه بين المنطقة التي نشأ فيها والمروحية القتالية الاميركية)، إضافة إلى «لاعب الشعب» و«كارليتوس».
وعلى رغم ان تيفيز اظهر خلال مسيرته ميله لاتباع قلبه بدلا من مصالحه المالية، فيبدو انتقاله إلى الصين مخالفا لهذا التوجه.
فالمهاجم الثلاثيني ترك نادي طفولته، حيث كان يتقاضى راتبا سنويا يناهز مليوني يورو، وانتقل إلى الصين ليتقاضى اضعافه.
وكان «كارليتوس» عاد إلى بوكا في 2015، بعد مسيرة احترافية اوروبية دافع فيها عن الوان اندية بارزة، مثل مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي الانكليزيين، وبطل الدوري الايطالي يوفنتوس.
وتحول الطفل المقيم في عالم من الفقر والاحياء التي تشهد اشتباكات مسلحة بشكل يومي، الى ثري يشتري المنازل لمصلحة افراد عائلته، ويزاول رياضة الغولف، ولا يخفي حبه للسيارات الفارهة. بيد أن كل ذلك لم يُنسه المحتاجين؛ إذ يتبرّع دوما للجمعيات الخيرية
أضف تعليق