يواجه الوزير عصام المرزوق عدة تحديات سياسية وملفات فنية حساسة في قيادته الحالية لوزارة الكهرباء أهمهما ملف الطاقة المتجددة والتعرفة الكهربائية.
اجتهدت الإدارة السابقة في الوزارة بوضع الحلول التي كان الكثير منها جانبها التوفيق بل أثارت الغضب الشعبي وستكون مادة دسمة للمواجهات البرلمانية قادمة لا محالة.
لقد استخدم الوزير السابق “عصا” الترشيد الاجباري ليصدر قرار التعرفة الكهربائية ليواجه الاستهلاك الكهربائي المضطرد في البلاد، غير مبالي للآثار العكسية الفضيعة التي ستترتب من التعرفة الجديدة على المجتمع التي ستتعدى آثارها لتزعج الاقتصاد المحلي عندما تزداد فواتير الكهرباء للمجمعات السكنية والتجارية ما بين عشرة أضعاف إلى اثنا عشرة ضعفا.
حل الترشيد وعصا التعرفة من الحلول التي لا تتواكب مع العصر الحديث الذي نعيشه إن لم يكن ضمن منظومة متكاملة تتركز أولا بمفهوم كفاءة الطاقة الكهربائية والتي تبدأ من بداية انتاج وتوليد الطاقة الكهربائية ومن ثم عمليات النقل الكهربائي الذكي إلى أن تصل إلى المستهلك.
مسؤولية المستهلك في تحقيق كفاءة الطاقة يعتبر أحد أركان نجاح المنظومة الكهربائية، ونعني هنا أن يستفيد المواطن من خدمة الكهرباء بجودة مناسبة ويستفيد منها من غير أن يزيد من الاسراف الكهربائي متجاوزين المفهوم السلبي الذي ارتبط مع كلمة “ترشيد” وهي تقليل استخدام الكهرباء من غير الالتفات نحو جودة الانتفاع بها.
معظم عمليات استهلاك الكهرباء سواء كانت في المنازل أو المباني المختلفة مليئة بالمصابيح والأجهزة الكهربائية ذات الاستهلاك العالي ومعظمها غير مسموح استخدامها في الدول المتقدمة بسبب تجاوزها لمعايير الكفاءة، كما أن تطبيق التمديدات الكهربائية في المشاريع والمنازل الحديثة تقع ضمن قواعد التمديدات الكهربائية الذي تعتمد عليه الوزارة ويتجاوز عمرها الأربعون عاما ولا تتناسب مع معايير التقنيات والتمديدات الذكية الحديثة الكفيلة لتقليل استهلاك المبنى إلى أكثر من 45 في المائة كما هو الحال الذي حصل في تجربة تحسين التمديدات الكهربائية لخمس مساجد والتي قامت بها جمعية المهندسين بالتعاون مع وزارة الأوقاف ووزارة الدولة لشؤون الشباب والتي حققت نتائج إيجابية في تحسين الاستفادة من الطاقة الكهربائية في المساجد مع تقليل نسب الاستهلاك الزائد عبر أنظمة ذكية حديثة عن طريق التحكم بالإنارة والتكييف.
تحتاج وزارة الكهرباء باتخاذ خطوات تنظيمية جادة وقيادية تحدد مسار الاستخدام الأمثل للأجهزة الكهربائية والمصابيح ذات الكفاءة العالية مع تحديث قواعد التمديدات الكهربائية ليشمل التمديدات الذكية وتطبيقاتها ووضع آليات تعزز التزام المستخدم وصاحب الطلب للخدمة الكهربائية، عندئذ ستجد وزارة الكهرباء حجم الوفرة العالية في الطاقة الكهربائية كما سيتلمس المواطن في المستقبل النتائج الايجابية من الاستخدام السليم للكهرباء، حينها سيكون وضع قرار التعرفة مناسب بحدود المعقول حتى يكون دوره فقط تقويم المستهلك وتوجيهه نحو مسار الكفاءة الطاقة من غير أن يشعر المواطن بأن الحكومة تستهدف جيبه.
كما يجد الوزير المرزوق نفسه أمام تحدي النجاح في تحقيق رؤية صاحب السمو أمير البلاد سنة 2012 نحو الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة لتوليد طاقة كهربائية لكي تدعم التوليد الكهربائي التقليدي ليصل إلى 15 في المئة بما يقارب 4 جيجاوات في عام 2030.
لا شك أنها رؤية طموحة يترقبها الجميع نحو الاستفادة الفنية العالية من الطاقة المتجددة كما أنها تحقق الكثير من النتائج البيئية وتتناسب أيضا مع التزامات البلد الأممية لتقليل انبعاثات الكربون.
ولكن منذ أكثر من أربع سنوات ما زال سيرها ضبابيا بطيئا، في حين نجد أن جمهورية مصر العربية توجهت نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة حديثا منذ أقل من سنتان إلا أنها تقدمت في هذا المجال على كثير من الدول الخليجية وذلك بسبب نجاحها وجديتها في وضع التشريعات القانونية والفنية في عمليات توليد الطاقة المتجددة لدرجة أن المواطن العادي يستطيع اتباع الاجراءات الفنية البسيطة لتركيب الطاقة الكهروضوئية في منزله، بل أيضا شجعته الحكومة عن طريق نظام كسب رسوم التغذية العاكسة للشبكة الكهربائية الحكومية وهذه الخطوات ضرورية جدا للنجاح نحو تطبيق الطاقة المتجددة في الدولة.
وأصبحت مصر حالها كحال دبي بيئة مشجعة للتقنيات العالمية والشركات المتقدمة الرائدة للاستثمار في مشاريع توليد الطاقة المتجددة بسبب متانة المواصفات والتشريعات الفنية التي تحدد سعر شراء الكهرباء المولدة للطاقة المتجددة ومدى جودتها للطرفين الحكومي والاستثماري، وهذه للأسف ما زال يشوبها الكثير من الضبابية في بلدنا والتي سنجد آثارها السلبية قريبا خاصة في بداية مشاريع الطاقة المتجددة في الشقايا.
نحن كمهتمين في مجال الطاقة الكهربائية نتمنى من الوزير الجديد جعل الوزارة أكثر جرأة واقداما نحو مشاريع الطاقة ولكن بمنهجية حديثة سليمة تحقق كفاءة الطاقة الشاملة.
نفتقر لمثل هذا المقال الذي يضع إصبعه على المشكلة ويقدم الحلول لها بهدوء وبدون ضوضاء تحول المشكلة العامة الى مساءلة شخصية، وليت من يعنيه الامر ان ينظر للحلول بجدية