اشتعلت حرب التسريبات والتصريحات بين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدا أن هناك ما يمكن وصفه بـ”الثآر البايت”، حسبما يقول المثل الشعبي المصري، فقد عمل الطرفان على انتقاد بعضهما البعض بشكل حاد.
في أول ظهور علني له عبر الإعلام، منذ ثلاث سنوات، هاجم الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق، نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر فضائية “التلفزيون العربي” ومن خلال حسابه على موقع “توتير” للتدوينات القصيرة، بينما استبق الإعلامي أحمد موسى المحسوب على الرئيس السيسي، حديث البرادعي، ببث تسجيلات صوتية مسربة له، عبر قناة “صدى البلد”.
ودشن موسى هجومه على البرادعي من خلال برنامجه “على مسؤوليتي” المذاع عبر قناة صدى البلد” المملوكة لرجل الأعمال محمد أبو العينين، وكلاهما من الموالين للسيسي، وعرض موسى تسجيلات صوتية مسربة للبرادعي، هاجم فيها الأمين العام للجامعة العربية الأسبق عمرو موسى، والعالم المصري الراحل أحمد زويل، ووصفهما بـ”الأفاقين”، إن “الثورة تجهض تدريجيًا، والشعب المصري مسكين ومريض وجاهل، وبيعطي الأمن الأسبقية، والنظام سيستمر”.
وأضاف في المكالمة المنسوبة إليه، والتي لا يعرف على وجه الدقة توقيتها، لكن يتضح أنها في الفترة اللاحقة على ثورة 25 يناير 2011: «عمرو موسى أفاق، وأحمد زويل رجل أفاق واكتشف الثورة منذ 3 أيام».
مكالمة أخرى للبرادعي
كما عرض موسى مكالمة أخرى منسوبة للبرادعي، مع الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، جاء فيها أنه عقد اجتماًعا مع شباب الثورة، وطالب فيها بإقالة حكومة الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، كشرط أساسي لإيقاف المظاهرات والاعتصامات في ميدان التحرير.
ورد عنان، بالقول إن “الوزارة الحالية لابد أن تحصل على فرصتها كاملة، ووزارة الفريق شفيق ليس عليها اي سلبيات حتى الآن، ولو كان على أن شفيق كان في عهد الرئيس مبارك فالكل كان في عهد مبارك”.
وقال البرادعي: “يا سيادة الفريق إنهم يتحدثون عن محاكمات عسكرية وما إلى ذلك ولكني استطعت أن أغلق هذا الملف، أي أن الموضوع حاليًا رئيس الوزراء و5 وزراء آخرين لابد من إقالتهم، ورأيي الشخصي إننا نجيب وجه جديد يشعرهم ان الرئيس مبارك ورجاله غادروا الموقع، على الرغم من أنهم يشيدون بالفريق شفيق”.
وبث موسى مكالمة ثالثة منسوبة للبرادعي مع شخص غير معروف، هاجم فيها الإعلاميين المصريين، وسبهم، ومنهم منى الشاذلي، وقال إنه لا يثق فيهم، استثناء الإعلاميين يسري فودة وابراهيم عيسي.
الهجوم الأعنف للبرادعي
وبالمقابل، شن البرادعي هجومًا هو الأعنف منذ ثلاث سنوات ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أنه “فقد مبرر وجوده”، وقال البرادعي أن “شرعية النظام فى أي دولة مستمدة من حماية الحقوق والحريات”، وأضاف في تغريدة له في حسابه على موقع “تويتر”: “عندما يُجرم نظام فى حق مواطنيه، فهو بذلك يفقد مبرر وجوده.. ليتنا نتعلم من التاريخ”. وقال في تغريدة أخرى: “تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية (انجاز) فاشي مبهر للعالم، أشفق عليك ياوطني”.
وأثارت التسريبات المنسوبة للبرادعي، ردود فعل غاضبة من جانب اعلاميين وسياسيين، وقال الإعلامي يسري فودة عبر صفحته على موقع “فيسبوك”، اليوم الأحد: “أيًّا ما كان موقفك منه، لا توجد جريمة في كلام البرادعي في المكالمات المسرّبة”، مشيرًا إلى أن حديث البرادعي، “يندرج تحت بند الآراء الشخصية في المجالس الخاصة، و هو قابل للنقد”.
وأضاف: “الجريمة التي يعاقب عليها القانون هي في التنصت على المكالمات الهاتفية للناس وفي تسجيلها وفي بثها برعاية الدولة وفي الافتخار بانتهاك الدستور، إن كان لهذا وجود في مصر الآن”.
خطر على الأمن القومي
وقال المحامي طارق العوضي على فيسبوك ان بث تسجيلات قائد سابق في الجيش يمثل خطرا على الامن القومي.
وكتب “اطالب المدعي العام العسكرى بالتحقيق في واقعة تسجيل ونشر مكالمات خاصة (…) بعنان. هذه الواقعة تشكل خطرا واختراقا للقوات المسلحة وتهدد الامن القومي المصري”.
كما دعا المحامي مالك عدلي في تدوينه على فيسبوك الى الاهتمام بالواقع الحاضر بدلا من الاستماع الى احاديث مسؤولين سابقين.
وكتب “لا حوار البرادعي ولا ما نسب إليه من مكالمات يتضمن جديدا” داعيا الى “التعقل والتركيز على البكابورت (المستنقع)” بدلا من التفتيش “في الدفاتر القديمة”.
الدعوة للعمل السياسي العام
وقطع البرادعي فترة صمت طويلة امتدت لثلاث سنوات، وظهر مساء أمس السبت على “التلفزيون العربي” في الجزء الأول من مقابلة من خمس حلقات عبر برنامج “وفي رواية أخرى”.
وأعلن البرادعي عودته للعمل السياسي العام، وأضاف في الجزء الأول من مقابلته والتي تذاع قبل أيام من احياء المصريين الذكرى السادسة لثورة 25 يناير2011، التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وقال البرادعي: “ابتعدت عن العمل العام 3 سنوات، بعد 16 سنة عمل عام، منها 12 في الوكالة الدولية للطاقة الذرية و4 سنوات في مصر، حاولت خلال الفترة الأخيرة نقل مصر من حكم سلطوي لحكم حر”، مشيرًا إلى أن السبب وراء ابتعاده” لأعطى فرصة لوجهة نظر أخرى”، مضيفا “كنت حزينا لأنني كنت على صواب”، على حد قوله.
ولفت إلى أنه يعود من أجل إصلاح مصر والعالم العربي وقال: “لابد الآن، أن يتحدث كل شخص وبخبرته يساعد، لن ينصلح الحال في مصر ولا العالم العربي إلا بالتوافق على العيش معا، دون ذبح وشيطنة الآخر”.
وأعلنت القناة أن البرادعي سوف يتحدث في الحلقات الأربع المقبلة، التي ستذاع كل يوم سبت أسبوعياً، عن عدة قضايا أهمها: رؤيته لمستقبل مصر، والحل الذي يتمناه لأزمتيها السياسية والاقتصادية، ورؤيته لأزمات الدول العربية، وعلى رأسها سوريا وفلسطين.
وكان البرادعي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية مدة شهر تقريبا عقب الاطاحة بالرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي الا انه استقال وغادر البلاد بعيد الفض الدامي لاعتصامي انصار مرسي في القاهرة ما اسفر عن مقتل اكثر من 700 شخص في أغسطس 2013.
أضف تعليق