هناك فرق بين أن يفعل المسلم العبادة دون أن يدعو غيره لفعلها، وبين من يفعلها ويحرص على دعوة الناس وتشجيعهم لأدائها.
وكذلك الأمر بين من يقع في المعصية أو المخالفة الشرعية، ويستر على نفسه، وبين من يقع بها ويفتخر بعملها ويشجع الآخرين لتقليده فيها.
والفرق أن من يدعو الآخرين لما يقوم به من عمل سواء كان في الخير أو الشر، فإنه يلحقه أجر أو إثم من تبعه أو قلّده.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام «من دعا إلى هُدىً كان له من الأجر مثل أُجور من تبِعَه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً».
الوطن العربي تعرض إلى موجاتٍ من التغريب، قادها المتأثرون بالغرب وخاصة من سافروا لأجل الدراسة في البلاد الغربية، وكانت المرأة إحدى الفئات المستهدفة من ذلك التغريب، ومن أول ما اتجه له دعاة التغريب هو تشجيع المرأة على خلع حجابها.
ولأن المجتمعات العربية كانت محافظة بطبيعتها، فإن قضية التبرج والسفور، وإلقاء الحجاب كانت مرفوضة تماماً.
لذلك خُطّط للأمر على أن يتم بالتدريج، فابتدأ بنزع البوشية وحرقها، ثم العباءة وإلقائها.
وكان أول مظاهر محاربة الحجاب ونزعه في مصر، حيث خرجت مجموعة من النسوة في مظاهرة ضد المحتل الإنجليزي سنة 1919 بقيادة «صفية» زوجة سعد زغلول، وعند ميدان قصر النيل (ميدان الإسماعيلية) – والذي سمي بعد ذلك بميدان التحرير – قام هؤلاء النسوة بخلع الحجاب وإلقائه على الأرض ثم سكبن عليه البنزين، وأشعلن فيه النار!
وهي عملية أثارت الاستغراب، إلا أنها في الوقت نفسه كشفت عن مدى التخطيط والتدبير، الذي يُحاك ضد الحجاب، فهل طرد المحتل لا يتم إلا بنزع الحجاب! وهل المحتل الصليبي هو الذي فرض الحجاب على المسلمات!
وتوالت الحرب على العباءة والبوشية والحجاب، فقاد نزع الحجاب في تونس «أبو رقيبة»، وفي الجزائر «أحمد بن بيلا» والذي كان من عباراته: «إن المرأة الجزائرية قد امتنعت عن خلع الحجاب في الماضي لأن فرنسا هي التي كانت تدعوها إلى ذلك، أما اليوم فإني أطالب المرأة الجزائرية بخلع الحجاب من أجل الجزائر»!
كما لم تسلم الكويت من حركات مشابهة تم فيها حرق البوشية والعباءة. وتوالت الحرب على حجاب المرأة وسترها، وشارك في ذلك حكومات ووسائل إعلام، ومخرجو الأفلام والمسلسلات، وامتد الأمر إلى أواخر الستينات.
ثم منّ الله تعالى على البلاد العربية والإسلامية بظهور الصحوة الإسلامية في السبعينات، لتمتد ويزداد أثرها في الثمانينات، وشاهدنا الحرص من قبل كثير من النساء سواء على المستوى المحلي أو العربي على لبس العباءة والحجاب وبعضهن حرص زيادة على ذلك بلبس البوشية أو النقاب.
وما تزال الحرب على الحجاب قائمة، فمن عجز عن إقناع الفتاة بنزع حجابها، دخل عليها من باب آخر وهو عرض موضات وموديلات للحجاب تُخرج الحجاب الشرعي عن مقصده، فالحجاب المشروع هو الذي يستر المرأة ويغطي جسدها – عدا الوجه والكفين – على خلاف بين العلماء.
ومن مواصفات الحجاب الشرعي أن يكون الثوب ساتراً فلا يصف جسد المرأة ولا يشِفّ.
كل الذي أتمنّاه من بناتنا وأخواتنا ونساء مجتمعاتنا الفاضلات – والتي لا نشك في أخلاقهن – أن يدركن أن لبس الحجاب أمر ربّاني، وليس متروكاً لمسألة القناعة من عدمها، فالمؤمنون والمؤمنات إذا سمعوا أمراً من الله تعالى ورسوله كان جوابهم «سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير».
أضف تعليق