أقلامهم

إشيبي هالشعب؟

يقول الفنان سعد الفرج في أحد مشاهد مسرحية «دقت الساعة»، حيث يأتيه اتصال هاتفي: «إشيبي هالشعب إشيبي؟ قروض قاعد يعطونه، بيوت قاعد يبنون له، مواد تموينية مدعمة، كهربا وماي بسعر رمزي… انتو اشتبون اشتبون»؟

مثل هذا السؤال عادةً يسأله من بيده السلطة أو من هو حليف للسلطة ومستفيد منها، حيث إنه لا يحس أبداً بما يعيشه المواطن البسيط يومياً أو ما هي متطلباته الحياتية، في بلد يفترض انها من اغنى الدول في العالم، وقد تم الترويج لمثل هذه التساؤلات والافكار حتى بدأ يرددها البعض من البسطاء، فمن منا لم يسمع الجملة الشهيرة؛ «الحمدلله ماكلين وشاربين وعايشين بأمن وأمان»؟

نعم نحمد الله كثيراً على هذه النعم ولا ننكر أن الغذاء والشراب والأمن موجود، ولكن هل هذه فقط هي متطلباتنا الحياتية؟

قد أفهم أن يكون هذا طموح شعب يعاني من الفقر وقلة الموارد أوالحروب المتكررة والانفلات الامني، ولكن عندما نكون في بلد صغير بتعداد سكاني لم يتجاوز المليون ونصف المليون، وهو بالمناسبة اقل من تعداد حي سكني بسيط في مدينة الاسكندرية في مصر، وبإيرادات مادية ضخمة وبنفس الوقت نعاني من تردي الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والاسكان ويكون طموحنا «ماكلين شاربين» فبالتأكيد هناك خلل، لأن الوضع الطبيعي بوجود هذه الموارد أن نطمح لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة.

مثل هذه القناعات الموجودة في المجتمع ليست وليدة اللحظة ولم تأت صدفة، بل هي نتيجة تكريس الحكومات المتتالية للواسطة والمحسوبية والفساد بالتزامن مع تفتيت المجتمع فئوياً، وبتأكيد فإن تغيير قناعات المجتمع وتشكيل وعي جماعي جديد يعيد الثقة للمجتمع بإمكانية حل المشاكل العالقة وتطوير الكويت بحيث تصل إلى مصاف الدول المتقدمة ليس بالمهمة السهلة ولن يقوم بها من هو مستفيد من هذا الوضع، لكنها تقع على عاتق الطليعة السياسية من الوطنيين والمثقفين، لذلك يجب على التيارات السياسية المدنية الديموقراطية ومن ينتمي لها من مثقفين إدراك الحقيقة بأن بعدهم عن المجتمع وعن هموم البسطاء هو الذي فتح المجال لغيرهم بأن يشكل وعي المجتمع بالطريقة التي تخدم مصالحه، فالتذمر اليومي الذي نراه من مثقفينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من فكر المجتمع ليس حلاً ولن يزيد الطين الا بلةً، وليست التيارات السياسية المدنية الديموقراطية أفضل حالاً من المثقفين. فرغم تفهمي لتعذرهم بالهجمة التي شنتها الحكومة سابقاً على الحركة الوطنية إلا اننا نعيش اليوم في وضع مختلف عن السابق، والوصول للناس لا يشترط وجود نادي الاستقلال!

لذلك فإن رسالتي لمن يفترض بهم أن يكونوا طليعة المجتمع؛ انزلوا من بروجكم العاجية وتخلوا عن خطابكم النخبوي الذي لا يفهمه الشعب، اختلطوا بالناس… بالبسطاء… استمعوا لهمومهم ومشاكلهم ومطالبهم، لا تنتظروا أن يأتوكم لمقراتكم ويستمعوا لندواتكم دون أن تكونوا منهم وتحملون همومهم، لأن الشعب مطالبه بسيطة جداً… فافهموها!

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.