يحتلُ مؤتمر الأستانة الصدارة في الأزمة السورية، خصوصاً بعدما وافقت فصائل معارضة عدّة على المشاركة وتبحث الدولتان الضامنتان تركيا وروسيا عن مشاركة أوسع رغم خرق الهدنة في وادي بردى، لكن يتزامن ذلك أيضاً مع صراع ايراني-روسي خفي لا يظهر إلا بتصريحات الطرفين والمقربين من مراكز قرارهما، وظهر الخلاف الاستراتيجي بينهما مع ثبات العلاقة الروسية التركية وتتويجها باتفاقات ستتوّج في مؤتمر الاستانة، واستثناء ايران من صفة “الضامن”، بل نحت تركيا في ادراج ملف الميليشيات الايرانية و#حزب الله” على الطاولة والدفع نحو البحث عن خروجها.
وقد يندرج تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي لعرض ملامح سياسة موسكو الخارجية، في هذا الاطار بقوله “كانت دمشق ستسقط بيد الإرهابيين خلال أسبوعين أو ثلاثة لولا التدخل الروسي”، وعلى الرغم من استخدامه مصطلح “الارهابيين” إلا أن أنصار المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي تناقلوا التصريح كما هو معبّرين عن شكرهم لاعتراف لافروف بعدم انهزام الثورة أمام النظام أو “حزب الله” أو إيران، بل راحَ البعض الى اعتباره بمثابة اعتراف بانتصار الثورة على النظام ومحور الممانعة، فيما التحليل وضع التصريح في إطار الرسائل غير المباشرة بين روسيا وإيران ولتذكير الأخيرة بأن مشروعها كان مهزوماً لولا تدخل روسيا.
ولوضوح مواقف ايران مما يجري، فان ما وردَ على موقع الديبلوماسية الإيرانية المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية، يظهر حجم الارباك الايراني تجاه القبضة الروسية على الأزمة السورية، إذ يقول أن “استعادة حلب كانت خطوة إيجابية بين روسيا وإيران، لكن هناك طريقاً طويلة لإنهاء الأزمة السورية، وموسكو نسقت وتنسق مع أنقرة أكثر بكثير من تنسيقها مع طهران، وأن روسيا غداة تحرير حلب دعت السعودية إلى طاولة المفاوضات السياسية في شأن سوريا”، لافتاً إلى أن “ذلك يثقل بظله على علاقات البلدين”. ولا تمكن متابعة ما ذكره الموقع من دون التذكير بأن وفد المعارضة المتوجه إلى الأستانة سيرأسه محمد علوش ممثل “جيش الاسلام” الفصيل الأقرب إلى السعودية، وسبق وحمل الشخص نفسه صفة كبير المفاوضين ضمن وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف. أما عن روسيا فيذكر الموقع انه “ليس من الواضح أن الروس معنا في سوريا أم نحن مع الروس هناك؟ وينظر الروس لسوريا بنظرة تكتيكية، وليست استراتيجية”.
ما نطقَ به سيرغي لافروف اعتبر “اعترافاً بالحقيقة” وبهزيمة محور ايران-سوريا-حزب الله، فالأخير دخل الأزمة بشكل مباشر في العام 2013، وتبعه المقاتلون الايرانيون وسبق ذلك تشكيل الميليشيات التابعة للنظام بدعم ايراني، وكل ذلك لم يظهر القدرة على حماية النظام، واذا ربطنا تصريح لافروف بموعد تدخل روسيا، فان النظام كان سيسقط في نهاية العام 2015، قبل أن تدخل السوخوي أجواء سوريا في تشرين الأول من العام نفسه.
يقول نائب رئيس الائتلاف السوري موفق نيربية، لـ”النهار”: “الروسي يستخدم هذا النوع من التصريحات ليظهر حجم قوته وسيطرته وأهمية تدخله، وفي الوقت نفسه للتقليل من فرص الايرانيين في لعب دور رئيسي في سوريا أو مستقبلها”، أما القيادي المعارض ميشال كيلو فيقول لـ”النهار”: “تصريح لافروف تقدير صحيح، وكأن روسيا تقول لايران: فشلتم في حماية النظام وعليكم ان توافقوا على حصة المهزوم”.
ويوضح نيربية أنه “قبل التدخل الروسي كانت هناك قوى معارضة وعلى رأسها جيش الاسلام الى جانب العاصمة حققوا مكاسب كبيرة منها السيطرة على الجبل الكردي ومبنى الأركان الاحتياطي، فقيل ان هناك ذعراً من دخول دمشق وسقوطها، فاضطر الروس للتدخل ولمساندة النظام، اذ كانت القوات الايرانية عاجزة عن صدّ تلك الهجمات، لكن في رأيي الشخصي لم تكن حينها دمشق مهددة بالسقوط”.
وفي العودة إلى كيلو، فهو يرى في تصريح لافروف تقديراً صريحاً للواقع، ويقول أنه “في نهاية العام 2015 وقبل دخول الروس لم تكن المرة الأولى التي اعتبر فيها النظام مهدداً بالسقوط، بل عندما دخل أيضاً حزب الله كان مهدداً بالسقوط”، ويضيف ان “حزب الله وايران لم يستطيعا حماية النظام فاضطر قاسم سليماني للذهاب إلى موسكو وطلب التدخل، وقالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مناورة عسكرية: تدخلنا لانقاذ بشار الأسد، وبالتالي فان تصريح لافروف هو تقدير صحيح”.
لكن السؤال الذي يطرحه كيلو: لماذا يدلي لافروف بهذا التصريح الآن؟ ويجيب: “لأن الروس يعتقدون أن ايران لم تكن قادرة على حماية النظام والمصالح الروسية كما قال أيضاً بوتين، وبالتالي فان روسيا تعتقد أن ايران هزمت وعليها الآن ان تدفع الثمن ولا تحصل على حصة المنتصرين، وكأنها تقول لايران: بأي حق تطلبين الآن حصة المنتصر وأنت فشلت لسنوات في حماية النظام، وعليك قبول حصة المهزوم”.
بالعكس خطوه جيده من الروس بأنهم يبعدون الحلفاء من المفاوضات وأستدعاء الدول إيلي تري الإرهابيين لأن هذي الدول عندها حساسيه منهم .
بلا
لا