بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي كثيرا ما سافر أيام الانتخابات متنقلا من ولاية لأخرى، فإن اليوم لابد أن ينتهي به ليلا عند مضجعه في سريره الخاص بمنزله بنيويورك.
لكنه الآن يبيت في مكان مختلف، فمنذ خمسة أيام وجد نفسه في محيط غير مألوف، فكيف يا ترى يتعامل معه.. هل ألفه أم بعد؟
هذا السؤال طرحته صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير كتبته الصحافية ماجي هابرمان وأجابت عنه بتتبع يوم الرئيس من الصباح إلى آخر المساء في البيت الأبيض.
في البدء ترمب وجد أن بيته الجديد فيه الكثير من الأشياء التي تُحب، رغم أن مساعديه يقولون سراً إنه في البداية كان يبدي تخوفاً من هذه الخطوة الجديدة.
وقال ترمب في مكالمة عبر الهاتف مساء الثلاثاء مع الصحيفة: “لقد وجدت هنا أجمل الهواتف التي لم أستخدم مثلها من قبل”.
وأوضح ما يعني ضاحكاً: “هنا النظام الأكثر أماناً في العالم، فالكلمات تكاد تنفجر في الهواء”.
وكان يعني أنه لا أحد يمكن أن يستمع لما يقوله أو يسجل كلماته، الأمر الذي طالما تأذى منه سابقا.
وقد كان الرئيس يرد على الهاتف وهو يجلس في مكتبه الذي استخدمه من قبل الرؤساء السابقين باراك أوباما، جورج دبليو بوش، بيل كلينتون، رونالد ريغان وجون كينيدي، في ختام اليوم الرابع من مهام عمله كرئيس.
أول الصباح
كما في برج ترمب سابقا فإن ترمب ينهض في السادسة صباحا، حيث يبدأ يومه بمشاهدة التلفزيون على الكابل الداخلي بالبيت الأبيض، ومن ثم يتجه لغرفة الطعام الصغيرة في الجناح الغربي، ويطالع في هذه اللحظات صحف الصباح: صحيفة نيويورك تايمز، صحيفة نيويورك بوست وأضاف لهما واشنطن بوست.
أما اللقاءات فتبدأ في التاسعة صباحا وهو وقت أبكر مما كان عليه في السابق، ما يقلص من مدة الوقت الذي ينفقه مع التلفزيون، فترمب لا يقرأ الكتب ويفضل إلى الآن أن يقضي ساعات من الأمسيات مع الفضائيات.
وبين اللقاءت التي تجري بالجناح الغربي، سيكون عليه توقيع الأوامر التنفيذية في المكتب البيضاوي.
ويعلق قائلا: “لديهم الكثير من غرف الاجتماعات في البيت الأبيض”.
ويشير بشكل أبرز إلى غرفة مجلس الوزراء وقاعة روزفلت.
إعجاب بالبيت الأبيض
برغم أن ترمب لا ينقصه البذخ ولا العيش الرغد إلا أنه يبدو مدهوشا بالبيت الأبيض، والعظمة التي يضفيها على ساكنه، والمسافات الطويلة التي سيكون عليه أن يمشيها ليأخذ شيئا ما من غرفة بعيدة.
وفي هذا التحديق المستمر بالأشياء، كذا بالنسبة لموظفيه وأقاربه، فهو يعلق قائلا: “الناس حولي يتجولون هنا ولا يرغبون في شيء سوى تأمل هذه الروعة طويلا”.
وبين الرؤساء الأميركيين أجمعهم فإنه بالنسبة لترمب ربما سيكون من المفضل له لو بقي يعمل من مكان سكنه الأول، فمنذ عقود حافظ على الإقامة في الطابق 58 من برج ترمب بنيويورك حيث يستغل المصعد إلى الطابق 26 ليصل إلى مكتبه المطل على الـ”سنترال بارك”.
وقد سبق أن اشتكى الكثير من الرؤساء من إحساسهم بالسجن داخل البيت الأبيض، فجورج دبليو بوش قال إنه فقد الانعتاق في الخارج، لكن ترمب على النقيض يمكن له أن يعيش أياما طويلة دون حاجة لتنفس الهواء الخارجي النقي.
ترمب وحده في البيت
بالنسبة لزوجته ميلانيا ترمب فقد عادت مساء يوم الأحد الماضي إلى نيويورك بصحبتها ابنهما بارون (10 سنوات)، لهذا ليس لترمب سوى التلفزيون وهاتفه الشخصي.
وقد اعترض ترمب على سؤال يتعلق بوجوده وحيدا بدون زوجته معه، حيث يتوقع أن تبقى ميلانيا وبارون إلى نهاية العام في نيويورك حتى يكمل الابن عامه الدراسي.
ورد قائلا: “سوف يعودان في نهاية الأسبوع”.
وأضاف أنه مستمتع بالبقاء مع نفسه الآن، على الرغم من الاستياء الواضح عليه من ضعف التغطية الإعلامية لحفل التنصيب والأداء الأول لسكرتيره الصحافي الذي ترك انطباعا غير إيجابي عندما أصر على أن حضور الحفل أكثر ممن شاركوا في تنصيب أوباما ثم عاد للتوضيح بعد يومين أنه قصد بما في ذلك مشاهدو التلفزيون والإنترنت.
وكان ترمب قد شاهد المؤتمر الصحافي لسكرتيره سين سبيسر، على التلفزيون، أثناء تناوله الغداء في غرفة الطعام بالجناح الغربي، وكان بجواره كبير الاستراتيجيين ستيف بانون، عندها تذمر الرئيس لكنه رغم ذلك وصف سكرتيره الصحافي بـالـ “سوبرستار”.
أول إفطار بالبيت الأبيض
في يوم السبت الماضي كان أول إفطار لترمب بالبيت الأبيض، عبارة عن بوفيه متنوع مع الفواكه الطازجة والحلويات وذلك بالجناح السكني، وكان بمشاركة أولاده الكبار وبقية العائلة.
وقد كان الطعام يتضمن الوجبات الخفيفة نفسها كالتي تعود عليها في الطائرة الخاصة به بما في ذلك رقائق البطاطس.
وقد بقيت معه ابنته الكبرى إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، كبير المستشارين للرئيس إلى يوم الأحد، ومن ثم غادرا لمنزلهما الجديد في واشنطن بنهاية عطلة نهاية الأسبوع لتحضير أطفالهم للمدارس الجديدة بعد أن تركوا نيويورك.
ولم يجلب ترمب معه أيا من مرافقيه في برج ترمب بنيويورك بعد.
تأمل فني واستلهام
وحيدا قضى ترمب جزءا من يوم الثلاثاء في الاستغراق بالتأمل في مجموعة من الأعمال الفنية بالبيت الأبيض، حيث توقف عند بورتريه لاندرو جاكسون أول رئيس شعبوي أميركي حكم من 1829 إلى 1837 الذي يشير إليه ترمب كمُلهم له.
يقول ترمب مؤكدا على دافعيته للعمل بشدة: “ها أنذا أعمل الآن”.
وذكّر بأنه وقّع الثلاثاء على أمر تنفيذي بإعادة تشغيل خط أنابيب كيستون وخططه للإجراءات المتعلقة بالحدود خلال الأيام المقبلة، وعدد بقية منجزات اليوم.
أول استجمام خارجي
في هذه الأثناء يخطط ترمب لأول رحلة محتملة للاستجمام له خارج البيت الأبيض، إلى “مار أيه لاغو”، حيث ناديه الخاص في بالم بيتش بفلوريدا وذلك بنهاية الأسبوع في 3 فبراير.
وحتى هذا الموعد فالاستجمام سيتم في البيت الأبيض نفسه، الذي لا يزال ترمب يعمل على تجهيزه بالديكورات والزينات التي لم تخلص بعد.
ويؤكد: “أنه مسكن جميل، إنه أنيق جدا”، مبديا مزيدا من أعلى درجات المدح والإشادة بالبيت الأبيض.
أنام حيث ينام لينكولن
يضيف ترمب: “هناك شعور خاص جداً، عندما تعلم أن إبراهام لينكولن كان ينام هنا”.
موضحا: “أن غرفة نوم لينكولن، كما تعلمون، كانت هي مكتبه.. وفي هذا الجناح الذي أقيم عنده، كان مكان نومه”.
وكان يشير إلى غرفة النوم الكبيرة بالبيت الأبيض التي أصبحت غرفته الآن.
ويختتم: “مع العلم الأكيد بأنها مختلفة عما كانت.. كما تعلمون. لكن تبقى الأناقة والروعة والسعة”.
قال أخيرا: “هناك الكثير من التاريخ”. كان يعني هنا في هذا المكان. البيت الأبيض الذي طالما انتظر واشتاق ليكون ساكنه.
أضف تعليق