نشرت صحيفة “أبوكليس لايكا” الإيطالية، تقريرا حول الأهمية التي يحتلها حزب الله في سوريا، والتي تجعله من أكثر القوات نفوذا وفاعلية في الصراع السوري اليوم، وكابوسا يطارد الأسد ويضاعف من مخاوفه، على حد تعبيرها.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن من أبرز الأسباب التي تثير مخاوف الأسد والجيش السوري على حد سواء؛ “التواجد القوي لحزب الله والمليشيات الشيعية على الساحة السورية، وتدخلها في الصراع الدائر في المنطقة، وعلى الرغم من استعادة النظام السوري السيطرة على حلب؛ فإن الانتصار الحقيقي سيبقى لحزب الله”.
وأضافت أن مساعدة إيران لحزب الله في سوريا، وخاصة من خلال تزويده بالأسلحة؛ أكسبته أهمية عسكرية كبيرة في دمشق، وجعلته من أكثر القوات البرية فاعلية وقوة على الأراضي السورية، على الرغم من العدد النسبي للمقاتلين الذين يقاتلون تحت لوائه، على حد تعبير جملة من المحللين.
وفي هذا السياق؛ أفادت الصحيفة بأن نشاط قوات حزب الله في سوريا “انطلق فعليا في عام 2012، بعدما تمكنت هذه القوات من عبور الحدود السورية، بالتنسيق مع قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وإثر ذلك؛ شارك حزب الله في معركة الزبداني ضد الجيش السوري الحر، ومن ثم اقتصر تواجد قواته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان”.
وبينت أن أول هجوم منسق بين القوات الجوية التابعة لجيش بشار الأسد وحزب الله ضد وحدات الجيش السوري الحر المتواجد في نفس المنطقة؛ كان في عام 2013، حيث تمكن حزب الله على إثرها من التمركز في سوريا حتى اليوم، على حساب الجيش السوري الحر.
وأشارت الصحيفة إلى أن “تضاؤل النفوذ العسكري للجيش السوري بشكل تدريجي؛ ساهم في تعزيز تواجد واستقرار حزب الله في سوريا، ومكنه من التغلغل أكثر داخل البلاد، وذلك بفضل التوجيهات التي كان يتلقاها من قبل المستشارين العسكريين الإيرانيين، والنظام السوري نفسه، وروسيا فيما بعد”.
ولفتت إلى أن “بعض التقديرات تؤكد أن سوريا كانت تضم في سنة 2014، ما يقارب الأربعة آلاف مناصر لحسن نصرالله، أي ما يعادل ثمانية بالمئة من إجمالي عدد المقاتلين الشيعة في سوريا”.
ونقلت الصحيفة عن علي ألفوناه، العضو البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بمعهد واشنطن، قوله إن “حزب الله نشر ما يربو على 860 مقاتلا في سوريا بين عامي 2012 و2016″، مشيرة إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان بيّن أن عددهم ارتفع إلى حدود 1387 مقاتلا، “أما المخابرات الإسرائيلية؛ فقد أشارت إلى أن عددهم يقدر بحوالي 1500 مقاتل”.
من جهة أخرى؛ أفادت الصحيفة بأن حزب الله يطمح إلى تقوية نفوذه في سوريا من خلال العمل على أربع جبهات أساسية، تتمثل في المشاركة الفاعلة في الصراع، وتدريب المليشيات، والتمتع بالدعم اللوجستي، وتهيئة الظروف الملائمة لتعزيز وجوده في جنوب سوريا، وذلك تحسبا لمواجهة مستقبلية مع “إسرائيل” انطلاقا من سوريا.
وأوضحت أن تدخل حزب الله في سوريا “ساهم بشكل كبير في تعزيز شعبيته في لبنان، التي ارتفعت من 38 بالمئة في 2011 إلى 41 بالمئة في 2014، وخاصة في الجنوب اللبناني، الذي يضم عددا كبيرا من المواطنين الذين يرحبون بتدخل الحزب في الشأن السوري”.
وقالت الصحيفة إن “دور حزب الله في سوريا يحمل في طياته نوعا من التناقض، وخاصة في ما يتعلق بالدوافع التي تحركه”، مشيرة إلى أنه “وفقا للمعهد الملكي للخدمات المتحدة؛ فإن حزب الله كان يهدف في السابق من خلال التدخل في سوريا؛ إلى حماية الحدود اللبنانية، ولكن ضعف الجيش السوري النظامي سمح له فيما بعد بالتغلغل أكثر فأكثر في البلاد، حتى أصبح أكثر من مجرد قوة دفاعية للحدود اللبنانية”.
ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري، ميخائل كودرنوك، وهو عقيد متقاعد في الجيش الروسي، قوله إنه “من المنظور الروسي؛ أصبح جيش الأسد اليوم ضعيفا من جميع الجهات، ويحتاج إلى أن يتم تفكيكه وإعادة التجنيد داخله”، مضيفا أن “حزب الله يُعد المنسق الأول للهجمات البرية التي نفذت في السنوات الأخيرة، ويسعى في الوقت الراهن لتحقيق مصالحه وأهدافه المتعلقة بالمركزية الإدارية في سوريا”.
وبينت الصحيفة أنه “على الرغم من أن تدخل حزب الله في سوريا قد خدم مصالح الأسد؛ إلا أنه زاد من مخاوفه، وخاصة في ظل تراجع قوة ونفوذ الجيش السوري، وتردي أوضاعه، وتقلص عدد المقاتلين فيه إلى النصف؛ بسبب نقص المعدات، وانخفاض الروح المعنوية داخله”.
وفي الختام؛ نقلت الصحيفة عن المحلل الروسي كودرنوك، قوله إن “الصراع السوري يحتاج إلى روح قوية وصامدة، وثقة بالانتصار، بالإضافة إلى الشجاعة والعزم، فضلا عن المرونة والمهارة القيادية الخاصة.. وكل هذه الميزات مفقودة في الجيش السوري، ومتواجدة بدرجة عالية لدى مقاتلي حزب الله”.
أضف تعليق