عربي وعالمي

صاغ خطاب التنصيب وقرار حظر الهجرة وفمه في أذن ترمب.. بانون أقوى رجل في العالم

يبحث فعليًا عن المسؤول عن سياسة دونالد ترمب وقراراته الصادمة، إنه ستيف بانون، المؤتمن على العقيدة الترامبية، الذي ما تبوّأ منصبه طمعًا في مال أو سلطة، بل رغبة في تغيير التاريخ.. فهل يمكن الوقوف في وجهه؟.

ويراقب العالم اليوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب منتظرًا “فعلًا ما” في كل يوم، إذ منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية في 20 يناير الماضي، ملأ الدنيا وشغل الناس بقرارات وأوامر تنفيذية صادمة.

الجذور
يقول ديفيد فون دريهليه في “تايم” إن فاتحة عهد ترمب كانت حبلى بالفوضى والارتباك، تمامًا كما وعد ترمب في حملته الإنتخابية، وكما خطط ستيف بانون، يد ترمب اليمنى وكبير الخبراء الاستراتيجيين في البيت الأبيض.

فترامب أخبر مواطنيه مرارًا في عام 2016 أن إدارته لن تكون “عادية كما الإدارات الأميركية السابقة”، أي ما كذب يومًا في هذا الأمر، وبالتالي مفاجئ اليوم أن تلقى سياسته بعض المقاومة من داخل حكومته كما من خارجها.

أما بانون، بحسب “تايم” دائمًا، فهو المؤمن الحقيقي بالعقيدة الترامبية والمؤتمن على نقائها، والذي ما تبوّأ هذا المنصب طمعًا في مال أو سلطة، بل رغبة في تغيير التاريخ. وهو من راسل “واشنطن بوست” قائلًا: “إننا نشهد ولادة نظام سياسي جديد”.

إنه الرجل الثاني اليوم في الإدارة الأميركية. فإليه يرجع “فضل” صوغ خطاب التنصيب، الذي مثّل أول هزة لأركان النظام العالمي كما نعرفه جميعًا. وإليه أيضًا يعود قرار حظر دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة. واليوم، وضع مسألة تغيير مجلس الأمن القومي على نار حامية، لتنتشر بصماته في كل أنحاء الإدارة الأميركية، بعدما وصل به الأمر إلى المناصب الأمنية والعسكرية.

في خضم كل هذا، يؤدي بانون دورًا غاية في الأهمية على المستوى الرئاسي. ففمه دائمًا في أذن ترمب ليذكره في كل سانحة أنه ما وعد يومًا أنه سيكون “موحد” أميركا، كما فعل جورج دبليو بوش مثلًا، ولا وعد بـ “معالجة” الانشقاقات الأميركية كما فعل سلفه باراك أوباما، إنما رفع رايته مدافعًا عن “المنسيين”، فكان شعار “أميركا أولًا”، وكرت سبحة القرارات: منع دخول الوافدين من دول إسلامية واللاجئين السوريين؛ انسحاب من معاهدة التجارة عبر الهادئ؛ بناء جدار فصل مع المكسيك؛ وغيرها!

المتسلل
يتوقع جوش روجين في “واشنطن بوست” أن يتمكن بانون من تجاوز منافسيه كلهم في البيت الأبيض، وحتى الوزراء وزعماء الكونغرس. فهل من يقف في وجهه؟، ربما يكون سؤال روجين هذا سببًا إضافيًا للقلق الذي يساور العالم.

فبانون، ومعه ستيفن ميللر، مدير السياسات في البيت الأبيض، هما من صاغا قرار حظر دخول اللاجئين والوافدين من ست دول إسلامية، لم يضعا الوزراء في الإدارة الأميركية في صورة القرار في النهاية، حتى قال جون كيلي، وزير الأمن الداخلي، إنه “أُبلغ” بالقرار، أي لم يستشره أحد فيه قبل صدوره. كما تجاهلا ريكس تيلرسون، الذي كان مرشحًا لمنصب وزير الخارجية. أما زعماء الكونغرس فما علموا بأمر القرار إلا ساعات قبل إعلانه على الملأ.

وبانون نجح في فرض وجوده في اجتماعات مجلس الأمن القومي بأمر تنفيذي، من دون الحاجة إلى مصادقة الكونغرس، فاستفز بذلك نافذين في الحزب الجمهوري. عبر ليندسي غراهام، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، عن قلقه من وجود سياسي في مجلس الأمن القومي، بينما نبّه السيناتور جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة، من احتمال تسييس النقاش في المجلس.

كذلك أنشأ بانون مجموعة “المبادرات الإستراتيجية” بديلًا لمراكز النفوذ في الإدارة الأميركية، وفي مقدمها مجلس الأمن القومي، متوسلًا استراتيجيتها طويلة المدى ليهيمن على عملية صنع السياسة الأميركية في المستقبل المنظور.

يقول روجن: “يفكر بانون وفريقه استراتيجيًا ويخططون للمستقبل بمهارة أكثر من منافسيهم في الإدارة. ولا علامة على إمكان إيقافهم، ولا على رغبة الرئيس في إيقافهم”.

ربما ينبغي الإضاءة على جوانب مهمة في شخصية بانون، ليعرف الأميركيون، والعالم أيضًا، من هو “رجل الظل” في إدارة ترامب الجديدة. ففي حديث إلى “نيويورك تايمز”، سمى نفسه “دارث فيدر”. ولمن لا يعرف، هذه شخصية متقمص الشر الدائم في فيلم “حرب النجوم” الخيالي العلمي. فهل يتلاعب بمشاعر معارضي ترامب ومخاوفهم، أم يعني ما يقول؟.

وقال أيضًا في حوار آخر مع “هوليود روبرتر”: “الظلام الحالك شيء جيد. ديك تشيني، دارث فادر، الشيطان. هذه هي السلطة”.

تحضر في حديثه شخصية ريتشارد بيرل، مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، والمعروف بـ “أمير الظلام”. فهل يعني أن المؤتمن على العقيدة السياسية الترامبية يخدم “الظلام”؟ (“ذا دارك سايد” فكرة أميركية سادت في أفلام هوليوود ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي، أي في الفترة التي لحقت تسلق الإسلاميين إلى السلطة في إيران، ومسألة الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في طهران، واستمرت لتصير التسمية لاحقًا “محور الشر”).

وللعلم، كان بانون من أشرس منتقدي رد فعل الرئيس الأميركي جيمي كارتر على مسألة الرهائن في طهران، ومن يومها طور توجهات يمينية وعداء للإسلام.