محمد فاروق الامام
كتاب سبر

هل تفعلها تركيا..؟!

لا ينكر اهتمام تركيا بالقضية السورية إلا جاحد، فمنذ ساعات انطلاقة الثورة الأولى وتركيا حكومة وشعباً تقف إلى جانب ثورة شعب سورية المظلوم على يد حكامه الساديين، ولم تتوانى تركيا لحظة واحدة في تقديم المساعدة ومد يد العون إلى الشعب السوري، وهو يعاني ما يعاني من قتل وتدمير وتهجير، فقد فتحت حدودها الممتدة لنحو ألف كيلو متر أمام الفارين من جحيم براميل الأسد المتفجرة، وصواريخ طائراته المدمرة، وسموم الموت التي ينشرها عبر ما يلقي من قنابل من الطائرات والمدفعية، فيما كانت قوافل الغذاء والمساعدات تعبر الحدود التركية إلى سورية بدون أي عراقيل أو موانع، مستقبلة الملايين بصدر رحب وحسن ضيافة وإكرام قل نظيره عند الأشقاء العرب.

تركيا التي يتربص بها الأعداء من كل حدب وصوب فوجئت بمحنة الشعب السوري وما يتعرض له من عذابات وآلام وجراحات، وهذه الحالة جعلت القائمين على الحكم في أنقرة في حيرة من أمرهم، وهم يرون ما يفعل نمرود الشام بالأطفال والشيوخ والنساء من قتل وتهجير وسوق إلى السجون والمعتقلات، وما يرتكبه من عمليات تدمير ممنهجة للأبنية والممتلكات والبنية التحتية، إلى درجة تغيير المعالم الحضارية لعدد كبير من المدن والبلدات والقرى، وبعضها عادت إلى عصور ما قبل التاريخ، بفعل ما ارتكب من أعمال وحشية لم يأت التاريخ على ذكر مثيل لها في أحلك صفحاته.

تركيا التي كانت تنافح عن نفسها على عدد من الجبهات الداخلية والخارجية لم تنس دورها تجاه الأشقاء السوريين، وقدمت أقصى ما تستطيع أن تقدمه لتخفف عن السوريين آلام محنتهم التي طالت واستطالت، والسوريون الذين كانوا ينتظرون من تركيا أن تخطو خطوة جريئة باتجاه التدخل العسكري للجم نمرود الشام ووقفه عند حده، وكان هذا ممكناً قبل أن تصبح سورية مرتعاً للمخابرات الدولية والجماعات الإرهابية، وحقلاً لتجارب الأسلحة الفتاكة للدول المارقة التي تتصارع على الهيمنة على بلاد الشام وبسط نفوذها على أراضيها.

السوريون اليوم يطمحون لتقوم تركيا بما لم تقم به من قبل، بعد أن حسنت علاقاتها مع روسيا وجاءت إدارة أمريكية جديدة تؤيدها في إيجاد مناطق آمنة للسوريين، والمعارضة السورية وفصائلها المسلحة قد نضجت واستفادت من دروس الماضي، وكل هذا يصب في امكانية أن تفعل تركيا الكثير للسوريين في تسريع حل قضيتهم دون أن يعرضها لأي مضايقة إقليمية أو دولية، ويتلخص ذلك في منح السوريين الجنسية التركية، ومن ثم تجنيد الشباب بحسب القوانين التركية ليكونوا نواة للجيش الوطني السوري، بصفتهم يحملون الجنسية السورية إضافة إلى الجنسية التركية، وهذا معمول به في معظم دول العالم ومنها (الدولة العبرية) التي تضم وحداتها العسكرية الأمريكي والأوروبي والكندي وغيرها من الجنسيات المتعددة.

هؤلاء الشباب الذين ندعو لتجنيدهم هم الآن يعيشون في حالة ضياع فكري وأخلاقي واجتماعي، وإن لم تضبط حياتهم فإنهم سيكونون قنبلة موقوتة ستنفجر في أي وقت، وشظايا انفجارها ستصيب الجميع أتراكاً وسوريين، لأنهم سيكونون أداة سهلة بيد أجهزة المخابرات المعادية لسورية ولتركيا وهي منشرة في معظم الأراضي السورية والتركية، وسلعة سهلة الامتلاك بيد الجماعات الإرهابية التي تنموا يوماً بعد يوم رغم الحرب التي يشنها العالم عليها.
فهل تخطو تركيا – وبدون تأخير – هذه الخطوة الجريئة وتعد جيشاً وطنياً من السوريين يتحمل شرف الدفاع عن سورية وطرد المحتلين من أراضيه وتحرير الشام من العصابة السادية التي تتحكم به منذ نصف قرن؟!

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.