المتابع لما يجري على الجانب العراقي من الحدود الشمالية يشعر بالغثيان من كم التهييج في الطرح الطائفي في معظم الخطاب السياسي العراقي، ورصد بسيط لبعض الخطب الجماهيرية هناك يشعر بالخوف على مستقبل العلاقات بين الشعبين، حيث يتسابق المتنافسون في الانتخابات النيابية في البصرة والمدن الجنوبية من العراق على كسب أصوات الناخبين العراقيين؛ بتضمين خطاباتهم قدراً من اتهام الكويت بالاعتداء على الأراضي العراقية! وليت الأمر توقّف عند حد هذه الاتهامات الباطلة التي تعودنا عليها، لكن الخطورة في الطرح الطائفي الذي يدغدغ مشاعر الطائفة وبأسلوب المظلومية، في محاولة يائسة لشق الصف الوطني الكويتي واللحمة الكويتية، ولم ينتبه البؤساء إلى أن الكويت غالية في عيون كل الكويتيين، سُنة وشيعة، بدواً وحضراً.
قضية الطرح الطائفي، مع الأسف الشديد، أصبحت ظاهرة بعد التدخل الإيراني في العراق وتسييرها للأمور فيه، فالمراقب للشأن العراقي، خصوصاً في الجنوب، يشعر للوهلة الأولى بأن إيران تتحكم في هذا الجزء من العراق!
مما يؤسف له في المشهد العراقي هو كم الكره الذي يختلج في نفوس البعض ممن يفترض فيهم أن يكونوا أشقاء لنا، وقد كانوا أشقاء بالفعل قبل جريمة الهالك صدام بغزو الكويت، ثم حاولنا أن ننسى الماضي ونغفر الزلة وندوس على مشاعرنا لمصلحة البلدين الشقيقين، لكن يبدو أن التأثيرات الخارجية لم تترك العراقيين في حالهم كما يقولون، فتدخل الحرس الثوري، وعبر الحدود، وتم تطعيمه بزبانية فيلق بدر، الذين أصبح الجنوب تحت سيطرتهم، وأصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الحدود الكويتية، وبدأوا يمارسون هوايتهم بالاتهامات الباطلة والاعتداءات الاستفزازية، ولكننا كنا نمارس في كل مرة سياسة ضبط النفس، عل وعسى أن يثوبوا إلى رشدهم! ولكن من دون جدوى. واليوم، كل أعمال الميليشيات الإيرانية تتم تحت شعارات طائفية، ونحن ندرك أن آل البيت براء من هذه التصرفات، وأن العقلاء من الطائفة لا يمكن أن يقبلوا بأن تدنس الأسماء الطاهرة بأفعال هذه الزمرة الخبيثة.
الطرح الطائفي اليوم لا يمكن أن يخدم إلا أعداء الكويت والعراق، والمستفيد الأول من إضعاف العلاقة بين البلدين هو الأجنبي ـــ بما في ذلك إيران ـــ فهل نعي الدرس شعباً وحكومة؟!
أضف تعليق