يبدو أن خطاب زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي، الذي كشف عنه مؤخراً مصدر محلي في محافظة نينوى العراقية، حيث دعا فيه أنصاره للتخفي والفرار إلى المناطق الجبلية وكذلك “مواصلة القتال والجهاد”، على حد تعبيره، قد أحدث فارقاً في المعارك الدائرة على الأرض.
فقد شوهد مقاتلو داعش بعد يوم واحد من خطاب زعيمهم وهم يهربون من ساحات المعارك في الساحل الايمن وبقية المناطق من مدينة الموصل عملاً بخطاب قائدهم البغدادي.
وبحسب مصادر من قوات الجيش العراقي فقد بدأت مفارز التعويق بالعمل، حيث إن بعض الانتحاريين استطاعوا تفجير أنفسهم بالقرب من القوات العراقية في أحياء الطيران ووادي حجر والمنصور.
ومعظم المقاتلين الذين قتلوا، ولم يهربوا، هم مقاتلون أجانب من الشرق الآسيوي ومن بعض الدول العربية ، وأكد ذلك وجود بطاقات تعريفية لبعض القتلى وهم من سوريا و تونس و ليبيا.
المعارك قبل الخطاب وبعده
المعركة قبل خطاب البغدادي كانت شرسة جداً، وقد وضع مسلحو تنظيم “داعش” أقوى خطوط الصد على الإطلاق في كل معاركهم التي خاضوها، والتي وصفها اللواء الركن معن السعدي، القائد في جهاز مكافحة الإرهاب، بأن التنظيم كان يراهن وبقوة على عدم اقتحام خطوط الصد هذه، وذلك لاعتماد التنظيم على مقاتلين أجانب، وقد خسر التنظيم 700 مقاتلاً منهم في هذه المعارك.
وبالعودة إلى خطاب البغدادي، وفي إطار الحديث العام عن ولاية نينوى، التي وصفها بأنها “منارة من منارات الدولة الإسلامية”، بحسب تعبيره، فإنما يدل هذا التوصيف الهام على نزعة البغدادي للتقليل من شأن مدينة الموصل في ذهنية مناصريه بهدف تهيئتهم لتحريرها المحتمل على أيدي الحكومة العراقية.
ومع ذلك، ستكون خسارة المدينة أبرز نكسة للتنظيم منذ بدء عمليات الهجوم للقضاء عليه، ولدعوة مناصريه لعدم الاهتمام بهذه الخسارة، دعاهم للخروج إلى الصحراء أو الهرب نحو سوريا أو تفجير أنفسهم قبل القبض عليهم.
خطاب الإحباط والخيبة
ويمكن رؤية خطاب البغدادي على أنه خطاب الإحباط والخيبة. فخلافاً لرسائله السابقة التي ناشد فيها الفئات الدينية في العالم بالانضمام إلى “داعش”، يضفي على خطابه الأخير سمات توبيخ الجماعة السنية لنكرانها عقيدة التنظيم، وعدم تعاطفها معها. ويتجلى مصدر هذه الخيبة في رفض العالم للهوية والرسالة والعقيدة التي يمثلها البغدادي وتنظيمه.
كما أن المدنيين الذين تحت سيطرة “داعش” قد انقلبوا تدريجياً ضد التنظيم من خلال قيامهم بنشاطات مقاومة للتنظيم، صغيرة كانت أم كبيرة، مسلحة أو مجردة من السلاح.
يذكر أن الحكومة العراقية وبمساندة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بدأت في 17 أكتوبر عام 20166 حملة عسكرية كبيرة لتحرير محافظة نينوى وعاصتمها مدينة الموصل العراقية من التنظيم الإرهابي.
أضف تعليق