الكلام حول الفساد هو الحديث اليومي والأكثر رواجاً بين أهل الكويت، ولا يتوقف الخوض في أنواع الفساد وصوره وأشكاله في المنتديات الخاصة والعامة وعلى صفحات الجرائد وفي الدواوين وعلى مستوى الندوات العامة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك على مدار الساعة، وتستمر تغطية هذا المسلسل في مجلس الأمة لتذهب إلى حد تشكيل لجان التحقيق والمساءلة السياسية، وأخيراً يأتي دور الحكومة ومن خلال بعض وزرائها للكشف عن الفساد والمفسدين ولكن دائماً ما تتهم الحكومة أركان وزاراتها في العهد السابق لها دون أن يتعنى الوزراء الحاليون أوجه القصور والفساد أثناء توليهم المسؤولية!
صور الفساد الشائعة لا حصر لها، ولا تستثنى منها أي جهة حكومية أو شبه حكومية، وتبدأ بالمخالفات الإدارية والتعيينات المشبوهة، وتنتهي بالتلاعب المالي الذي يصل إلى مئات الملايين من الدنانير.
عاصفة الفساد، وكما تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت تشمل المواطنين العاديين من مسؤولين كبار أو أقربائهم أو الكتاب الصحافيين أو المغردين أو النشطاء السياسيين، وآخرها الحيازات الزراعية والحيوانية والشاليهات والقسائم الصناعية إلى آخر القائمة، دون أن تكون للجهات المسؤولة أي رد فعل رسمي وحاسم في إثبات أو نفي مثل هذه المعلومات والأسماء المتداولة فيها، وهذا بحد ذاته ينطوي على مشكلة حقيقية في حالة صحتها وربط ذلك بشراء الولاءات السياسية وتحويل البلاد ومقدراتها وأراضيها إلى عزبة خاصة تعطى فيها الهدايا والهبات بلا رادع أخلاقي أو قانوني، ويبخس حق عموم المواطنين من الانتفاع منها، وإن توافرت فيهم شروط استثمارها والاستفادة منها بما يحقق مصلحة مشتركة شخصية ووطنية، أو قد تكون مثل هذه المعلومات غير دقيقة ومنافية للواقع، وفي ذلك أيضاً تعريض أسماء الناس وسمعتهم للتشهير والتشويه، وفي كل الأحوال ستقود مثل هذه الأنباء إلى المزيد من الاحتقان الشعبي والكراهية في ظل اهتزاز النسيج الوطني أصلاً.
انتشرت مؤخراً أيضاً زوبعة إعلامية تلاحق بعض المسؤولين وباتهامات كبيرة وخطيرة، دون أن تكون أي ردود فعل رسمية لنفي أو تأكيد الكم الهائل من التفسيرات الشخصية والاجتهادات الخاصة أو حتى الاستغلال السياسي، ومدى كشف الحقائق واتخاذ الخطوات القانونية بشأنها أو الدفاع عن سمعة ونزاهة من نالتهم الاتهامات.
لكن اللافت والغريب أنه مراراً وتكراراً عند انتشار مثل هذه المعلومات، ووصولها إلى الذروة وتحولها إلى قضية رأي عام تظهر تغريدة أو خبر الهدف منه خلق فتنة أو ترويج إشاعة، وسرعان ما يتحول هذا التسريب المختلق في معظم الأحيان، إلى أهم موضوع يشغل الناس فتركن كل قصص الفساد فجأة، تماماً مثلما حصل في اليومين الأخيرين عندما سرّبت تغريدة منسوبة إلى اسم من العائلة الحاكمة تطعن بشريحة من المواطنين، وأيضاً دون أي رد فعل رسمي حكومي، حيث ساد الصمت على قضايا الفساد التي انتشرت بالآلية الإعلامية نفسها، ودخلنا في حرب كلامية طائفية متجددة!
ما يختفي غير الصالحين?