أقلامهم

منع 200 مليون مسلم من دخول الولايات المتحدة!

أصدر الرئيس الأميركي الاثنين الماضي إعلانا إداريا جديدا بخصوص الهجرة وسياسة التأشيرات الخاصة بالمسلمين، في هذا القرار تم وضع ستة شعوب إسلامية (ليبيا وسوريا واليمن وإيران والصومال والسودان) والتي يصل تعدادها تقريبا للمائتي مليون في دائرة الممنوعين من الهجرة للولايات المتحدة والحصول على تأشيرة جديدة تسمح لهم بدخول أراضيها، وقد تضمن الإعلان منع اللاجئين من هذه الدول من القدوم للولايات المتحدة. ولم يضع القرار الجديد قواعد خاصة للدخول والخروج. ولا يوجد ما يمنع الرئيس من زيادة اللائحة لتشمل مجتمعات جديدة، في القرار الجديد تم استثناء حاملي التأشيرة الراهنين، وحاملي الكارت الأخضر.

وللقرار الأميركي تبعات إنسانية لأنه يمنع طلبة وطالبات مبدعين من القدوم للولايات المتحدة للدراسة والتخصص، كما يمنع أطباء من التخصص في المجالات النادرة، ويمنع من يتطلب علاجا من القدوم وكذلك من يريد أن يستثمر من أصحاب الأعمال من هذه الشعوب من القدوم للولايات المتحدة. لنفترض أن مواطنا سوريا صاحب أعمال أو طالبا جامعيا سوريا يقطن في بريطانيا ولديه إقامة صالحة وأراد الذهاب لمدة عام للولايات المتحدة لتنفيذ بحث أو لتكملة جانب من متطلبات الدكتوراه فإن القرار الجديد سيمنعه من دخول الولايات المتحدة وسيمنع كل أب أو أم أو أخ أو ابن من زيارة أقرباء الدرجة الأولى من الأميركيين.

ويعكس القرار طريقة في التفكير فالتعميم لا يصيب أي من أهدافه، بل يعقد المشكلة. وتتأكد عنصرية القرار بكونه يستهدف مجتمعات عربية وإسلامية بلا تميز بين فرد وآخر، بل والأكثر من ذلك أنه لم يعرف أن أحدا من تلك المجتمعات شارك في ممارسات إرهابية في الولايات المتحدة منذ الحادي عشر من سبتمبر حتى يومنا هذا. وفي كل إحصاء ودراسة عن توجهات الرأي العام في الدول العربية كتلك التي نشرها المركز العربي للأبحاث في الدوحة تأكيد على رغبة شعوب المنطقة العربية في حياة كريمة وديمقراطية وحرة، والثورة الخضراء في إيران هي الأخرى انعكاس لما يريده قطاع كبير من الشعب الإيراني. القرار الجديد يعني ان شخصية مثل السيد خاتمي أو أعضاء المعارضة السورية من ضحايا النظام السوري أو شخصية سودانية كالصادق المهدي لا تستطيع دخول الولايات المتحدة بجواز سفر بلادها.
وقد أعلن عدة مدعين عامين في عدة ولايات منها نيويورك وماسيتشوسيتس واوريغون ومينيسوتا وولاية واشنطن وهاوي أنهم سيرفعون دعوة قضائية ضد القرار الجديد انطلاقا من أنه يضر بمصالح جامعات وأماكن علاج ووظائف واحتياجات هذه الولايات.
إن هدف ترامب الاقتصادي في إيصال النمو الأميركي لأربعة بالمائة لن يكون ممكنا مع سياسة غير متزنة كهذه، فأميركا بحاجة لأيدي عاملة ومهاجرين من كل الفئات، خاصة وأن الأميركيين لديهم نسب خصوبة محدودة لا تفي باحتياجات الاقتصاد والنمو. إن سياسات ترامب تجاه الأقليات (الأكثر تكاثرا) وتجاه الهجرة ستحرم الاقتصاد من النمو الذي تصنعه الأيدي العاملة المنتجة. لهذا فالنمو الأميركي القادم سيكون نموا على الورق وذلك من خلال تسهيلات وقروض ستقدمها البنوك، وهذا سيخلق فقاعة اقتصادية جديدة سيكون انفجارها أسوأ من كارثة 2008 الاقتصادية. لقد أزال ترامب بقرارات مفاجئة القيود التي وضعها الرئيس اوباما على البنوك بعد الأزمة الاقتصادية، هذا الأسلوب المتبع من الرئيس ترامب سيعطي نتائج اقتصادية لصالح البنوك ولصالح رفع قيمة أسواق الأسهم المالية الأميركية، لكن ذلك نمو ذو طبيعة وهمية وسيعود ويؤسس للأزمة الاقتصادية العالمية القادمة.
لقد كان النموذج الاميركي يستوعب كل من يصل للأراضي الأميركية، وذلك من خلال التعليم والعدالة والمساواة والفرص المتساوية، كان القادم الجديد للارضي الاميركية يشعر أنه في وطنه حتى لو كان بقاؤه لا يتجاوز الأيام والشهور، لقد بني النموذج الاميركي على الاستيعاب، وهذا سبب تفوقه على الأوروبي والروسي والعالم الثالثي والصيني، لقد فازت الولايات المتحدة في الحرب الباردة بسبب عدم التعميم على الشعوب، فهي لم تمنع الفيتناميين ولا السوفيات ولا الألمان من القدوم لأراضيها، وفي هذا نجحت في تأكيد تفوق نموذجها. قرارات الرئيس ترامب ليست أميركية، وستواجه بمقاومة أميركية ستزداد ضراوة.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.