لم أشأ أن أكرر موضوع الوافدين مرة أخرى، ولكنَّ المستجدات التي طرأت على الساحة الكويتية أجبرتني على طرح تكملة للموضوع من زاوية أخرى. فالنائبة صفاء الهاشم، ما انفكت تكرر موضوع الوافدين وخطره على المجتمع، طارحة بعض الحلول للحد من وجودهم في الكويت، وكان منها فرض رسوم على الطرق التي يستخدمها الوافد، وعدم إعطائهم الدواء بالمجان وغيرها من الأمور التي لا يمكن أن تخطر ببال أحد!.
وأنا أقف حائراً لماذا تطرح هذه الحلول غير الإنسانية لفئة تشكل ثلثي المجتمع. والمستغرب أنَّ جميع الحلول التي تطرح تعتبر مضايقات مالية لفئة تشكل أجورهم أقل الأجور في الدولة. ويعزو الكثير من نواب مجلس الأمة ومناصريهم هدفهم من هذه الحملة الشعواء ضدَّ الوافدين، أنَّهم خطر على التركيبة السكانية وأنَّهم عمالة ذات إنتاج غير جيد، وإلى آخره من هذه الاتهامات التي مللنا من سماعها.
كيف لعامل أن يكون منتجا وهو يعاني القلق طوال تواجده في الكويت؟ فأجره لا يكاد يكفي عيشه هنا، وسكنه لا يمكن أن يرقى لسكن الإنسان المحترم في شقق أقرب لأقفاص الدجاج منها لمساكن الإنسان. وكيف له أن يكون منتجا وهو يرى التمايز العنصري في المعاملة في هيئات الحكومة ومؤسساتها؟ وكيف يعيش حياة كريمة وهو في وظيفته الحكومية لا يترقى ولا يحصل على زيادات فقط لأنَّه وافد؟ وكيف له أن يشعر بالأمان وهو يحارب في أبسط حقوقه الإنسانية؟.
إنَّ علاج القضية السكانية لا يأتي عبر مهاجمة الوافدين بكرة وعشيا، ولكن يأتي عبر وضع حلول وأُطر تنظم حياة الناس بكل أشكالهم ومشاربهم. فإذا أردت إنسانا منتجا فلا بدَّ عليك أن توفر له حياة كريمة وعادلة تضمن له حقوق الإنسان كلها، وبدلا من الخطب الرنانة في الندوات ومجلس الأمة وفي القنوات الإعلامية، أتمنى ممن يتبنى هذا التوجه قبل محاسبة الوافدين على تقصيرهم وكثرتهم، محاسبة تجار الإقامات الذين كدَّسوا عمالة سائبة في شوارع الكويت وهم يأخذون على الشخص مئات الدنانير. وأتمنى أن يحاسبوا أصحاب البنايات المخالفة للقانون التي أصبحت أشبه بعلب السردين لا شقق تضم عائلة كاملة. وأتمنى أيضا محاسبة المدارس الخاصة التي ترفع رسومها كل نصف سنة من دون حسيب أو رقيب… بعد هذه الخطوات نستطيع أن نقول للحكومة أو للمجلس افعلا ما بدا لكما في قضية التركيبة السكانية.
خارج النص:
المضحك في موضوع الوافدين، أنَّ من ينادي بتقليل عددهم لا يعي أنَّ الوافدين العاملين في مجلس الأمة يبلغ عددهم ضعف أعضاء مجلس الأمة. فالأجدى للسيدة الفاضلة قبل تعديل التركيبة السكانية للدولة، أن تعدل التركيبة السكانية للمجلس، فتطرح فكرة التكويت لكل وظائف المجلس بما فيها المراسلون وعمال النظافة والخدمات العامة والمستشارين… فلا يصح أن يكون باب النجار «مخلع».
أضف تعليق