نحن جميعاً شركاء في الفساد، نحن كلنا مسؤولون عن هذا الفساد في البلد، لأن الوزير لا يعمل لوحده بل معه فريق من مستشارين وغيره وهم من عامة الشعب. كما أن النواب لم يأتوا لوحدهم بل انتم من انتخبتموهم. والحكومة لم تعمل بهذا الشكل إلا لأن الوضع أعجبكم. لذلك يجب ألا نتذمر من الفساد لأننا شركاء به!
هذا ملخص لما تحدث به أحد أعضاء غرفة التجارة في مقطع فيديو انتشر في الفترة ما قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو يوجه أصابع الاتهام لعامة الشعب من الناخبين، ليبين لهم أنهم فاسدون ولولا فسادهم ما فسدت السلطة.
مثل هذا الخطاب الذي يبرر لفساد السلطة بسطحية وسذاجة لا يقبلها طفل في الابتدائية، يجب ألا يمر مرور الكرام، فليس من المقبول أن نحمّل البسطاء فساد من هو في موقع المسؤولية!
فالوزير يملك سلطة لا يملكها مستشاروه، وله من الحقوق ما لا يحق لغيره من مستشارين أو أعضاء في فريق عمله، فكيف لي أن أقبل فكرة أن الوزير «المسكين» لا يستطيع أن يفعل شيئا تجاه اقتراحات فريقه من المستشارين الفاسدين؟
أمّا بالنسبة للنواب، فكيف لي أن أحاسب البسطاء ممن تعطلت مصالحهم ومعاملاتهم وتوقفت ترقياتهم أو لم يجد أبناؤهم وظائف بسبب تعنت أو فساد الحكومة التي توجههم توجيهاً نحو نوابها المشاهير في تخليص المعاملات وانهاء معاناة البسطاء من أجل الصوت؟!
ولا أريد أن أطيل في الرد على موضوع ان الحكومة لم تعمل بهذا الشكل الا لأن الشعب «عاجبه»، لأنه في أول فرصة للتغيير أقصى 60 في المئة من أعضاء البرلمان السابق ليعيد وجوهاً كانت تعتبر مؤزمة بالنسبة للحكومة.
نحن لسنا جميعاً شركاء، وبالتأكيد لسنا المسؤولين عن هذا الفساد، فمن بيده السلطة ويرعى الفساد ويستفيد منه، ليس كالانسان البسيط المجبر على التملق و«الترجي» ليحصل على أبسط حقوقه والتي منع منها!
أنا على قناعة تامة بتلك المقولة التي تشبه الفساد بالسلّم أو الدرَج، فالسلّم يتم تنظيفه من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس، كذلك الفساد نبدأ بمحاربته من الأعلى وبمحاسبة المسؤول ومعالجة السبب وليس النتيجة. ولكن لكي نتمكن من مواجهة الفساد المستشري في البلد، علينا أن نعي جيداً قوة وسطوة هذا الفساد وأدواته المتعددة التي لا يملكها المواطن البسيط، وأن هذه المواجهة لن تنتهي في يوم وليلة ولا حتى سنة وسنتين، بل هي معركة طويلة تحتاج منا الصبر والتضحية والنضال.
فبالنهاية، نحن أيضا نملك أن نتحمل ونصبر ولا نلجأ لأدوات السلطة من نواب الخدمات والواسطة لأنهم يقتاتون على حاجتنا لهم وبدوننا لن يكون لهم قبول، بإمكاننا أن نعلم أبناءنا القيم الانسانية والوطنية ونبذ العنصرية والطائفية وغيرها من الأمراض المجتمعية التي يستغلها الفاسدون على طريقة «فرّق تسُد» فنكون صفاً واحداً في وجه الفساد، ولنعلم جيداً أننا قد لا نشهد نتائج عملنا ومواجهتنا للفساد ولكن بالتأكيد سيشهدها أبناؤنا أو أحفادنا.
أضف تعليق