بلغت قيمة سناب شات 24 مليار دولار، لكن لم يقم سناب شات بجني هذا المال وحده، بل من قبل المستخدمين الذين يصنعون محتواه وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي.
وحتى نكون عادلين، يعلق مدير الشؤون العلمية في موقع دويتشه فيله الألماني: يجب أن نقول أنه يجب ألا يجبر أحد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعية، ومن يستخدمها يجب أن يختار ذلك بملء إرادته، مع بعض الاستثناءات في حال استخدم المرء هذه الشبكات تحت ضغط الأصدقاء والعائلة الذين يظنون أن المرء يجب أن يكون مستخدماً لهذه الشبكات.
كن هناك، لأن الجميع هناك
تترافق الشبكات الاجتماعية بسباق أرقام: كم عدد الأشخاص الذين يتابعونك؟ كم مرة تمت مشاركة صورك والتعليق عليها؟ ثم يتشكل بعد ذلك عند المستخدم شعور جديد، حيث يرغب بمتابعة الكثيرين له، لكن في الوقت ذاته لا يريد هو إلا أن يتابع عدداً قليلاً، مما يعكس مظهره كشخصية مشهورة.
هذا ما نفعله نحن وعائلاتنا وأصدقائنا -وحتى كما يبدو- المجتمع بأسره. من يريد أن يكون معزولاً عن المجتمع؟ من يريد أن يفوّت شيئاً مهماً أو يوسم كعدو للتكنولوجيا؟ هذا الخوف اللاعقلاني أنتجته الشبكات الاجتماعية وتسلل إلى داخل حياتنا وحتى في حياة الأطباء والصحافيين والسياسيين.
تحولنا الشبكات الاجتماعية إلى عبيد جدد، ونقوم نحن بالدفع من أجل ذلك، لكن ليس بدمائنا أو بعرقنا وإنما بأحاسيسنا ووقتنا وأعصابنا وخصوصيتنا وتحملنا لتعليقات الكراهية، وربما في بعض الأحيان – الانتحار.
ماذا يربح ايفان شبيغل وروبرت مورفي من سناب شات، أو جاك دورسي من تويتر؟ المليارات من المال المزيف. شركاتهم تحقق في الحقيقة خسائر. لقد خلقوا فقاعة، ليست فقط فقاعة تواصل اجتماعي يوجد بداخلها المستخدمون، وإنما أيضا فقاعة اقتصادية تبدو لي كشخص غير خبير مهددة أكثر من فقاعة العقارات التي سببت الأزمة الاقتصادية العالمية قبل عشر سنوات.
عبودية القرن الواحد والعشرين
هنا ربما يعترض المرء على مقارنة الشبكات الاجتماعية بالعبودية التي كانت تاريخياً وما زالت حتى اليوم موجودة في بعض مناطق العالم، لكن حقيقة تقوم الشبكات الاجتماعية باستعبادنا نفسياً، وخصوصًا الأطفال الذين لا يتمتعون بالقدرة الكافية للدفاع عن أنفسهم.
تمتلك منصات الشبكات الاجتماعية لوحات إعلانية شبيهة باللوحات التي كانت موجودة في المرحلة الأولى من البريد الإلكتروني ومواقع الإنترنت، لكن هذه اللوحات كانت أقل ظهوراً للمستخدم، يستخدمها الأشخاص الذي كانوا يريدون دعم التكنولوجيا، وكان المستخدمون هم المتحكمون بها فعلياً.
على العكس من ذلك فإن الشبكات الاجتماعية الحديثة تبدو كقوارب الجت سكي على الشاطئ؛ لا لزوم لها، تسيء استخدام التكنولوجيا، مزعجة ومضرة بالبيئة.
لا أقبل أبدا الرأي الذي يقول إن الشبكات الاجتماعية تجعل التواصل أسهل أو أكثر فعالية. في الحقيقة أرى مجموعة من الزومبي الذين يمشون أو يقودون في شوارعنا، محاصرين في فقاعة حقيقية، ومخلفين وراءهم فوضى وحوادث سيارات من أجل التواصل مع نسبة قليلة جدا من البشر!
أنت لست مُستخدِماً، أنت أصبحت مُستخدَماً!
كما تقوم سفن الصيد برمي بشباكها عميقا في البحر لتلقط أكبر كمية من الأسماك مهما كان نوعها، كذلك الشبكات الاجتماعية تتسبب بضرر بالغٍ في قلوبنا وعقولنا وتخرج أسوأ ما فينا إلى السطح. الأسوأ من ذلك أن الشبكات الاجتماعية تعتبر ما تصيده ملكية خاصة بها، تستعمله أو تتخلص منه كما يحلو لها.
هل فكرتم يوماً ماذا سيحدث بمعلوماتكم الشخصية ومنشوراتكم عندما يفقد مؤسسو الشبكات الاجتماعية الرغبة في استكمال مشروعهم وينتقلون إلى مشروع آخر؟ أو ببساطة إذا فشل المشروع وانتهى؟ في النهاية سيأخذون كرامتك ومالك ويرحلون. يجب علينا ألا نبيع أنفسنا ببساطة وغباء. نحن لسنا مستخدِمين لهذه الشبكات، وإنما مستخدَمين من قبلها.
أنا لست أول من يقول ذلك، كمرجع أول أنصح بكتاب أندرو كين: “الإنترنت ليس الجواب”.
على كل الأحوال هناك حل يعتمد على تشارك الأرباح مع الشبكات الاجتماعية: على مالكي الشبكات الاجتماعية الكبرى في وادي السيليكون (في سان فرانسيسكو) أن يشاركوا أرباحهم مع الذين شاركوهم وساعدوهم في تحقيقها، أي نحن: المستخدمون!
أضف تعليق