مع مرور الوقت ازداد يقيناً بأن النار الهادئة التي يطبخ فيها ملف الجنسية يسخن أكثر فأكثر، وبأوقات تكاد ان تشتعل لتلتهم نيرانها المطبخ السياسي برمته. مع تقديم المجلس باقتراح تعديل قانون الجنسيه الذي سيتم التصويت عليه غدا الثلاثاء، بحيث يُمكن كل من تُسحب جناسيهم بالتظلم والطعن أمام القضاء، بدأت تطفو فوق الاسطح أصوات مناهضة لمثل هذا الاقتراح، بل و تشكيل وفد لمقابلة القيادة السياسية للإعراب عن رفضهم لتعديل قانون الجنسية، لأنه بوجهة نظرهم “يطمس الهوية الكويتيه وهو لصالح كل مزوّر ومزدوج” وأصحاب هذا الرأي هم شخصيات محترمه ولهم باع طويل في ميادين السياسه والإعلام وتعلمنا الكثير منها ولازلنا نتعلم، ولكن هي بالنهاية أراء تستحق المناقشه.
الكويت هي بلد مهاجرين، وبلاد المهاجرين عموماً تعُد ذات هوية جامعّه. بين البر والبحر، بين بيوت الطين والخيام، بين تجارة اللؤلؤ ورعي الاغنام، هذا ماكانت عليه الكويت، وهذا ما نظل نفخر فيه جميعاً ككويتين. فما الذي سيتم طمسه في تعديل قانون يعطي الحق لمن يعتقد بأنه تعرض للظلم بأن يلجأ الى القضاء للفصل؟ فمن سُحبت جناسيهم لم يأتوا من خمير كبموديا ولا تعود أصولهم إلى بوذا منغوليا. هم عرب ابً عن جد ولدو في الكويت وتشربو وذابو في حبها، فلا سحب ظالم للجنسيه ينزع ولائهم وانتمائهم للكويت.
فإذا كان التجنيس العشوائي الذي تم في الستينات بالتحديد بعد حادثة تزوير انتخابات 1967 خاطئ، فمعالجته لا تتم بسحب الجناسي واخضاعهم كمواطنين “تحت تهديد سحب الجنسية بأي وقت”، فهذا مايقتل الولاء والانتماء، وما يمزق اللحمة الوطنية، والخطأ زائد خطأ لا يساويان صحاً.
الحد الادنى من الوعي بمسؤلياتنا الوطنيه يتطلب منا بأن نوفر لكل إنسان على هذه الارض حق الطعن أمام القضاء، فماذا لو كان هذا الانسان كويتي من دمنا ولحمنا وتعرض لإعدام مدني دون ان يُمكن بالتظلم امام القضاء!
المرحلة حساسة ، المواقف والتصاريح تحت المجهر والتاريخ لايرحم.
أضف تعليق