كانت الصدمة الأولى وأنا طفلة حين شاهدت فيلماً يتناول موضوع العنصرية الممارسة على السود، وبراءتي التي لم تستوعب كيف يُضطهد شخص بسبب لونه، أصبت بدهشة وصدمة حقيقية آنذاك، ما كنت أعلم أنني سأرى ألوانا وأشكالا من العنصرية كنت سأعتادها لكثرة انتشارها لو لم أقف وقفة صادقة مع نفسي، حتى لا أتبع قطيع العنصرية البغيضة، ولم تكن تلك بمهمة سهلة في مجتمع كالمجتمع الكويتي الذي يرضعك العنصرية منذ نعومة أظفارك.
المجتمع الذي يقيم الشخص على أصله، وقرر تقسيم شعب لم يتعد المليون إلا بقليل لعدة أصول، وكل شخص ينظر باحتقار لأصول الآخر رغم أننا بلد جمع بشراً من أصول متنوعة، لا أَجِد لأي فرع فيهم الحق بهذا الإصرار على أنه الأفضل.
في عمر مبكّر كنت أصادق الناس من جنسيات مختلفة في المدرسة، وحين كبرت قليلا كنت أواجه اتهامات الناس من بيئتي بأنني لا أجيد اختيار الأصدقاء، ولأنني تربيت في بيت يستقبل به أبي الأدباء من جميع دول العالم، لم أَجِد أني كنت أفعل شيئا خاطئا، بل على العكس رغم جميع انتقاداتهم كنت أشفق عليهم لتفكيرهم المحدود.
واليوم أصبحت العنصرية واضحة لا يمكن الادعاء بعدم وجودها بأغان وطنية وشعارات تملأ الشوارع بأننا إخوة، محاربة العنصرية لا تتم عن طريق كلمات وتصريحات وتوصيات مملة وغير مقنعة تقال في المؤتمرات، العنصرية تحارب في البيوت، حين لا يحتوي حوار الأهل على كلمات عنصرية عن أي شخص من دين أو مذهب أو لون أو جنس مختلف، هذه الازدواجية المقيتة هي السبب في وجود الكثير من العقد النفسية بين البشر والتي بسببها نسمع حوارات الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الحياة أيضا.
بداية حل المشكلة هي الاعتراف بوجودها، وإيجاد طرق حقيقية لمعالجتها لا شعارات وتصريحات سمجة، ومن ثم مرحلة التصالح مع الذات حين تستوعب تلك الازدواجية وتقرر أن تتخلى عنها، وقرارك بالمجاهرة بآرائك دون تلون أو خوف.
قفلة:
منذ بدء الخليقة والإنسان يميل للقتل والحرب، ولم تهذبه سوى القوانين، ورغم ذلك فالحروب بين أبناء البلد الواحد هي المنتشرة في عالمنا العربي، وكل ذلك لأنهم لم يتعلموا تقبل المختلف واحترامه في البيت.
أضف تعليق