أي سيناريوهات سياسية يمكن توقعها بعد تقديم استجوابين متزامنين لسمو رئيس مجلس الوزراء؟ وهل هناك أي مؤشرات للخروج من النفق السياسي المظلم الذي نشهده منذ سنوات طويلة، خصوصاً في الأعوام الخمسة الأخيرة؟ وكيف يمكن تغيير المشهد السياسي الكويتي الذي تحول إلى فصول مسرحية، يقضي معظم الكويتيين وقتهم للتعليق عليها في المنتديات العامة، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو في الدواوين، بسخرية لا تخلو من مشاعر الغضب والقلق على الواقع السياسي ناهيك عن المستقبل؟
لا يستطيع أي كان أن يزعم أنه يملك الإجابات الموضوعية والشافية لهذه الأسئلة أو الحلول السحرية لمشاكلنا السياسية المزمنة والمتكررة، التي لا ينتج عنها سوى المزيد من قصص الفساد والنهب وتقارير ديوان المحاسبة حول التجاوزات، ودراسات مجلس التخطيط والخدمة المدنية حول الترهل الإداري، والفشل الذريع في مختلف شؤون الدولة وحياة الناس وحاجاتهم.
القدر المتيقن من تداعيات الوضع السياسي الراهن أننا سنعود إلى المربع الأول بعد تقديم الاستجوابات النيابية لرئيس الحكومة، ومن المرجح أن يكون بقاء مجلس الأمة على المحك، حيث إن رحيل المجلس يحظى بفرصتين هما الإبطال من المحكمة الدستورية، خصوصاً في ظل الشبهات القوية التي واكبت حل مجلس 2013 والدعوة إلى الانتخابات الأخيرة، أو حل المجلس بسبب عدم قبول الحكومة مساءلة رئيسها، خصوصاً في المجلس الحالي الذي يختلف تماماً عن المجلس السابق الذي شهد استجواباً لرئيس مجلس الوزراء، لم يتحدث خلاله أي نائب مؤيد للاستجواب!
الأرقام التي شهدتها الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة على قانوني سحب الجناسي والحرمان السياسي رغم سقوط الاقتراحين تبين بوضوح القوة التصويتية الكفيلة بنجاح الاستجواب حتى بعد تنصل نواب الحركة الدستورية من ذلك، الأمر الذي يؤكد عدم صعود سمو رئيس مجلس الوزراء منصة الاستجواب مع احتمال اللجوء إلى التكتيكات السياسية المعتادة إما بالتأجيل أو اللجوء إلى المحكمة الدستورية بالطعن في دستورية الاستجواب، أو حتى استخدام المادة (106) من الدستور، وتعطيل أعمال المجلس لمدة شهر انتظاراً لحكم المحكمة في إبطال المجلس نفسه.
جلسة سحب الجناسي والحرمان السياسي باءت بالفشل، والنتيجة ستكون هي ذاتها لبقية العناوين المهمة التي أتى بها المجلس وفي مقدمتها زيادة أسعار الوقود والكهرباء، ويبدو أن الصفقات الجانبية والجزئية بين بعض التيارات النيابية والحكومة وصلت إلى طريق مسدود، ولذلك لم يتبق سوى الصدام ثم الفراق بين السلطتين وفق أي مخرج قانوني أو سياسي، الأمر الذي يعني بدوره العودة إلى صناديق الاقتراع من جديد، ولكن هل تفتح الانتخابات المتكررة سنوياً هذه الأبواب المغلقة؟
الانتخابات الأربعة الأخيرة، ورغم قصر المدة الزمنية بينها، جاءت بعشرات الوجوه الجديدة، وتغربلت معها تركيبة مجالس الأمة وتنوعت من أقصى درجات الوداعة إلى آخر مستويات الشراسة، ومع ذلك تستمر المشاكل نفسها والمآزق السياسية والدستورية ذاتها، ويتواصل النهب المنظم والنحر في النسيج الاجتماعي، وبالمختصر المفيد يبقى بلدنا “على طمام المرحوم”!
أضف تعليق