قال تَعَالَى في محكم كتابه الكريم “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ”. (آل عمران ١١٠).
ما زلت أقف حائراً عند هذه الآية الكريمة، وكيف لأمة تكون خير الأمم، وهي التي لا تتورع عن إباحة دماء أبنائها وسبي نسائها وتصر على ذلك؟! وكيف لأمة أن تكون خير أمة أخرجت للناس، وهي تمجد طواغيتها وتحرف التاريخ لأجلهم؟! وكيف لأمة يحق لها أن تدّعي بأنها خير أمة أخرجت للناس، وهي التي تآمرت على نبيها وتغنت طرباً بقتل أهل بيته وسبي عياله؟!
الحقيقة ما زلت لا أفهم سر تجاوز هذه الأمة عن الشرط الذي وضعه الله لخير الأمم “تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر”، وإصرارها على الفهم المحدود للمعروف وإنكار المنكر، رغم أن الاستدلال القرآني يشمل المعروف بكل قيمه الأخلاقية، وحث على إنكار كل ما هو قبيح ترفضه الفطرة الإنسانية والأعراف الاجتماعية، وتنبذه الشرائع السماوية.
سنوات عجاف تمر بوطننا العربي حصدت معها مئات الألوف من الأبرياء، وشردت وأضاعت هوية الملايين، وملايين أخرى تحفها غربان الموت والجوع وضيق ذات اليد، وكل هذا على مرأى ومسمع أمة يفترض بها أن تكون خير أمة أخرجت للناس!
لم يشهد التاريخ مآسي كما شهدتها هذه الأمة بعد أن ملأها الحقد وتمكنت منها الفتنة، فصبغتها بصبغة عقائدية صرفة حركها بعض رجال الدين أو رجال إبليس، ليس هناك فرق فكلاهما عملة واحدة، ومعهم عباد الدينار والدرهم يدفعهم إعلام أقل ما يمكن وصفه بعاهر.
“رحم الله من أهدى لي عيوبي”
عيوبكم يا سادة كثيرة وليس هناك ما نهديكم إليه بعد أن أضحى سكوتكم عن المذابح والجرائم يعتمد على مذهب الضحية، وبعد أن أصبح دفاعكم عن البراميل وعن الذبح بالسكين سيين، وعن الصحابة وآل البيت وسيلة للمزيد من الدم.
الإسلام منكم براء وأنتم يا صحاب الفتنة ملعونون بعد أن تمكنت منكم الرذيلة التي لم تترك من أجسادكم العفنة ذرةً للهداية، وأنتم إن شاء الله ممن سيطبع الله على قلوبكم عندما تقفون وتحاسبون عند مليك مقتدر لا يظلم أحدا.
لمن تبقى من عقلاء هذه الأمة ممن يعمل بالمعروف ويأتمر بأمر الله تحركوا يرحمكم الله، فلم يعد هناك متسع من الوقت، فالموت ينتظر الملايين من أبناء هذه الأمة، وليس هناك أمر أعظم عند الله من حقن دماء المسلمين التي هانت على مدعي العروبة، فانتصروا للمظلوم مرضاة لله ولرسوله.
الحذر من غضب الله علينا، فهناك ملايين المشردين ومثلهم من الأفواه الجائعة، فلا تفرحوا لمقتل إنسان مسلم بريء ليس له ناقة ولا جمل في هذه الحروب، ولا تغفلوا عن قوله تعالى “وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً”. إنه عزيز مقتدر.
ودمتم سالمين.
أضف تعليق