أقلامهم

يا وزير الداخلية… استمطروا الرحمات بالدعوات!

حين نستذكر ماضينا القريب قبل نحو أربعين أو خمسين سنة، نستذكر الوئام والمحبة وصفاء القلوب بين الأهل والجيران ولهفة اللقاء وجمال النفوس والأرواح، كل شيء حولنا كان جميلاً ببساطته وروحانيته، وكانت هناك محبة وألفة منبعها صفاء القلوب وتقارب الأرواح، وكانت الجرائم في ذاك الزمان على ندرتها، مُستغربة وتشكل هاجساً مؤلماً عند أهل الكويت، وكانت المساجد عامرة بالمُصلين، والأسواق على قلة بضائعها تغص بمرتاديها المتسوقين فعلاً، والكويت كانت تحتضن الوافدين وتعتبرهم مواطنيها وتغدق عليهم من رزق الله الذي أكرم به البلاد وأهلها…

وفي المقابل،كانت دعوات أولئك البسطاء ترتفع إلى السماء وتظللنا رحمات الله تعالى فتزيد أرزاقنا وتزداد رفاهية شعبنا وتتوالى الخيرات على أرضنا، واستمرت الحياة هكذا بجمالها إلى فاجعة الغزو، وكأن التحرير صفحة طوت ما قبلها من رحمة قلوب وصفاء نفوس ووئام أرواح فشاع الفساد بأنواعه ونفض خبيثو النفوس عن أنفسهم رداء الحياء فظهرت لنا نماذج لم تكن موجودة، أو أنها موجودة لكن لم تسنح لها الفرصة لتُظهر خبث فسادها، ومن هؤلاء تجار الإقامات وناهبو عرق البسطاء وسارقو جهودهم، فغصت الكويت على صغر مساحتها بعمال بسطاء تُصوَّر لهم المعيشة في الكويت كأنها جنة الخلد وكأن الأموال ملقاة على الأرصفة في الطرقات، فيتم خداعهم بعقود عمل جميلة في ظاهرها، خبيثة في حقيقتها، ولا يكتشف العامل البسيط أنه جاء لينضم إلى طوابير المخدوعين إلا بعدما يصل الكويت، ليطوي لياليه ألماً وحسرةً وبكاءً على ما ورط نفسه فيه، فتاجر الإقامات أخذ منه مالاً لربما اقترضه أو باع ما يمكن أن يُباع في بلده من أرض أو بهائم أو غيرها، ثم يأتي ليكتوي قلبه بنار الخديعة وألم الغربة والبعد عن الأحبة.

أخي وزير الداخلية، أعلم كما تعلم غالبية أهل الكويت أن وزارتكم تبذل جهوداً عظيمة لحفظ الأمن واستتبابه، وأن لديكم خططاً لمحاربة الجريمة ومنع انتشارها، وأنكم تسعون جادين لمحاصرة ظاهرة مخالفي الإقامة، ولكننا نرى ظلماً يقع على بعض مخالفي الإقامة من ضحايا تجار الإقامات، والكثير منهم يسعى لتعديل وضعه القانوني والبقاء في الكويت للعمل تحت مظلة القانون رغبة منهم في استرداد جزء من أمواله التي نهبها تجار الإقامات وسماسرة عرق الجبين، حتى لا يعود إلى بلده وأهله وأسرته يجر أذيال الخيبة منكسر القلب ويدعو علينا بالسوء فإن لدعاء المظلوم حوبة.

معالي وزير الداخلية.. أناشدكم ونحن على أعتاب شهر رمضان الفضيل أن تصدروا قراراً يمنح مخالفي الإقامة ممن تعثرت بهم السبل مهلة لتعديل أوضاعهم حسب القانون، ودفع غرامات المخالفة المستحقة للدولة عليهم، كما أناشد معاليكم تخفيف القيود المفروضة على إخواننا السوريين المنكوبين ومنحهم إقامات على ذويهم حسب مادة الالتحاق بعائل وإغلاق ملف الألم الذي يقاسونه يومياً، فهؤلاء لم يخالفوا القانون برغبتهم لكنهم وجدوا أنفسهم مخالفين لسوء الواقع الذي تعيشه بلادهم، وأنتم خير من يُلتجأ إليه بعد الله تعالى في المواقف الإنسانية.

يا وزير الداخلية استمطروا رحمات الله تعالى على الكويت وأهلها بدعوات الخير التي تلهج بها ألسنة الوافدين البسطاء وخففوا عنهم عبء الحياة لعل الله أن يرحمنا بدعواتهم وتعود الكويت كما كانت واحة للأمن والطمأنينة ومظلة للألفة والمحبة والوئام.

الوسوم