أقلامهم

“الأمة” و”المشيخة”

تعال معي لأصطحبك إلى غرفة الذكريات ، تفضل بالجلوس .. دعني أُطفىء الأنوار ، بعد نهاية هذه الجملة سيبدأ الفيلم ، الرجاء الإلتزام بالهدوء .. مشاهدة ممتعة.

في بداية العشرينيات من القرن الماضي بدأ الصراع بين النفوذ السلطوي و صوت الشعب حين استشهد محمد المنيس ، مروراً بالثلاثينات و حل المجلس التشريعي ، وصولاً بركود الأربعينات و تأسيس النوادي الثقافية في الخمسينات ، و من ثم اصدار الدستور عام ١٩٦٢ و هنا بدأ الاحتدام الحقيقي ، ففوز كتلة النواب الوطنيين عام ١٩٦٣ كانت الخيبة و أمراً غير اعتيادياً على أصحاب النفوذ السلطوي أن يكون هناك صوتاً للشعب يحاسب ويراقب ، فزوّروا انتخابات ٦٧ و علّق الدستور عام ٧٦ و انشاء لجنة لتنقيح الدستور في بداية الثمانينات و من ثم الإنقلاب الدستوري بتعطيل مواده عام ٨٦ ، و أخيراً إقرار الصوت الواحد بعد إبطال مجلس ٢٠١٢ الذي جاء بأغلبية معارضة و ذلك لتعبث السّلطة بالمخرجات الإنتخابية و التي كرّست الطائفية و القبلية و المزيد من الإنشقاقات بين أفراد المجتمع في الإنتخابات الأخيرة، و لاتزال السّلطة تستخدم أسلحتها عبر سحب الجناسي .. ماذا بعد ؟
فالسّلطة لها العصاة والشعب له الصوت فكلما ارتفع صوت مطالبات الشعب لتحقيق المزيد من المكتسبات الدستوريه والحرية والديمقراطيه ضربت السّلطه الشعب بالعصاة .

فالدّوران في هذه الدّوامة منذ خمسين سنة لن ينتشل الوضع السياسي و الديمقراطي إلى بر الأمان ، فأصبحنا تحت رحمة الحل أو البطلان ، ناهيك عن ازدياد الفساد و تراجع الدولة في شتّى المجالات ، فإصلاح الدوله اقتصادياً و مكافحة الفساد و غيرها من الأمور لن يأتي إلّا بالإصلاح السياسي أولاً ، فالنظام السياسي ذو الطّابع الفردي كالرّجل المريض لن يحل أي شيء ، فنحن بحاجة لنظام سياسي جديد ، فالحل ليس بتغيير وجوه نيابية عبر انتخابات متكررة أكبر انجازاتها استقالة وزراء أو إقرار قوانين مناهضة للحريات كما رأينا في السّنوات الماضية ، إنّما الحل يكون بالحوار أولاً لكل الأطراف للخروج بحل مشترك و للإتيان بنظام سياسي جماعي و ديمقراطي متكامل ، و إلّا لا جديد سوى “التّحلطم”.. انتهى الفيلم ، شكراً للمشاهدة.

Twitter : @azizalshaban