خبر مانشيت جريدة الراي، أمس الأول، حول أهداف زيارة الرئيس ترامب للمنطقة، لا يقدم جديداً، الرئيس الأميركي سيأتي ليطلب من دول الخليج ثمن مظلة الحماية الأميركية لها، سواء سمينا هذا الثمن بالإتاوة أو الجزية الإمبريالية تظل بالنهاية حقيقة أن المنطقة تستنزف لآخر فلس باق في أرصدتها المالية.
في الخبر سيناقش ترامب مع قادة المنطقة خطر داعش، ثم إيران التي تعتبرها الإدارة الأميركية جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل، وتتطابق هذه الرؤية مع التصورات الإسرائيلية للمنطقة تماماً، كما تتطلع الإدارة الأميركية لمشروع تطبيع العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، وكلما زادت نبرة الحديث عن الخطر الإيراني زادت معها طردياً أدبيات التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي ستكون إيران المبرر التاريخي للتطبيع الخليجي الإسرائيلي القادم، والذي يبدو أنه ليس ببعيد.
دول الخليج هي الأكثر إنفاقاً في العالم على ميزانيات التسلح، ولا يبدو أن أزمة تهاوي أسعار النفط أثرت على حجم صفقات السلاح، وكأن هذه من الأمور المقدسة التي يجب ألا تناقش ولا تقبل أي رأي مخالف في بلداننا التي لا مكان فيها للرأي الآخر.
الرئيس الأميركي أكد في حملته الانتخابية عزمه على مطالبة دول الخليج بثمن الحماية، وصور الأمر بأن هذا مسألة عادلة لأنها خدمة، وكل خدمة لها ثمن، هنا يمكن ملاحظة أن المافيا، أيضاً، توفر خدمات الحماية بسطوتها، وتطلب من الضعفاء إتاوات مقابل حمايتهم، وفي الأغلب يكون الخطر الذي تحميهم المافيا منه هي التي خلقته أساساً ووليد تدبيرها. قبل ترامب كرمز لحكم اليمين الجديد لم تكن مسألة امتصاص الفوائض المالية التي حققتها دول الخليج من أثمان النفط العالية مسألة مستحدثة في السياسة الغربية والأميركية، فتلك الفوائض يعاد استثمارها في الولايات المتحدة والغرب من ناحية، أو يتم ابتلاعها بصفقات السلاح بأرقامها الفلكية من ناحية أخرى.
في إحدى محاضرات نعوم تشومسكي يذكر أن استفتاءات الرأي تظهر أن الغالبية العظمى من الشعوب العربية ترى أن الخطر الأكبر يأتي من إسرائيل وسياساتها وليس من إيران، وأياً كان مصدر الخطر الوجودي لدولنا الآن، فمن المؤكد أن المستقبل لن يكون جميلاً، فالإعسار الاقتصادي قادم لا محالة، والحروب الإقليمية التي تستنزف الدماء والمال العربيين تتمدد دون حل طالما أغلقت كل نوافذ الحوار بين دول المنطقة، وتبقى الدولة الصهيونية هي المستفيد الأكبر.
أضف تعليق