أعلن رئيس لجنة الانتخابات الإيرانية علي أصغر أحمدي، أن الرئيس الإيراني حسن روحاني فاز اليوم (السبت) بولاية ثانية، بنحو 23 مليون صوت، أي أنه حاز 56 في المائة من الأصوات.
وتقدَّم روحاني على منافسه، مرشح التيار المتشدد إبراهيم رئيسي، بفارق 7 ملايين صوت تقريباً.
وأطلقت المعارضة الإيرانية حملة وشعارات ضد نظام ولاية الفقيه، تزامناً مع الانتخابات الرئاسية، في مدن عدة: «الموت لخامنئي… لا للمحتال روحاني… لا للجلاد رئيسي… صوتي هو إسقاط النظام… الموت لمبدأ ولاية الفقيه… عاش جيش التحرير… تحية لمريم رجوي زعيمة المعارضة».
وعشية الانتخابات الرئاسية في إيران، قام مناصرو منظمة «مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة» بنشاطات واسعة في أرجاء البلاد، مطالبين بمقاطعتها. فكتبوا شعارات معارضة على جدران المدن وقاموا بلصق صور رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي وزعيم المقاومة الإيرانية مسعود رجوي. وكذلك، رفعوا لافتات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، لا سيما في العاصمة طهران، ومدينة قزوين في مركز إيران، وهمدان – شهر كرد – مشهد – ارسنجان – كرج – كردكوي – اراك – بومهن – بندرعباس – باسارغارد، وذلك رغم تشدد الإجراءات من قبل المؤسسات العسكرية.
*شعارات إلكترونية معارضة
ولم تكتفِ المعارضة الإيرانية بنشر شعاراتها في الشوارع وعلى الطرقات، بل عبر الكثيرون عن امتعاضهم من «مسرحية الانتخابات» بطرق مختلفة، في بلد ليس بقريب من مفهوم الديمقراطية أو العدالة. فاجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً «تويتر»، تعابير تصف العملية الانتخابية بالزائفة والكاذبة. «انتخابات_إيران_الزائفة»، بهذه الهاشتاغ بالذات، تواصل معارضو النظام في إيران، ومؤيدوهم، وانتقدوا تصرفات الحكام تجاه الفقراء من المواطنين والمواطنات.
بعض التغريدات من قبل ناشطين إيرانيين:
غرد أنور مالك قائلا: #الولي_الفقيه يستمتع بممارسة الاستبداد تجاه شعبه باسم الدين
نبراس الأحرار: انتخابات إيران… المتشددون والمعتدلون وجهان لعملة المرشد
حسن هاشميان: نظام ولاية الفقيه وبعد 38 عاماً من الحكم ليست لديه القدرة على حل مشكلات المجتمع الإيراني #انتخابات_إيران_المزيفة
ماجد مجيدي: مهزلة المناظرة للتستر على الموضوع الرئيسي في إيران… سلطة الشعب أم الولي الفقيه؟
جاكاي غور: فقط 4 في المائة من المجتمع لديهم كل شيء و96 في المائة محرومون عن كل شيء 3 ملايين منزل فارغ تتعلق بـ#انتخابات_إيران_المزيفة
ماه ساح: من الصعب القول إن شيئاً ما سيتغير في #إيران في حال استمر حسن وروحاني وانتخب لدورة رئاسية ثانية #انتخابات_إيران_المزيفة
صفحة ربيع إيران: أي انتخابات حرة في إيران تعدم أم نفسها وطفليها من شدة الفقر؟؟ هذه نتيجة حكم زمرة اللصوص في إيران #انتخابات_إيران_المزيفة
وأشعلت الإشارات الظاهرة والخفية لنهب ممتلكات المواطنين نيران الصراع على السلطة. فأشار روحاني في مقابلة دعائية له مع تلفزيون النظام عن النهب من قبل الحرس قائلا: «هما موضوعان، أولا الفساد الممنهج في البلاد، فللتصدي لهذا النوع من الفساد علينا أن نخطط له لأجل أن نضع حداً له». وخاطب روحاني منافسيه قائلا: «أنتم تجار المقاطعة الاقتصادية خلال الـ4 سنوات الماضية، شعرتم بالركود بسبب انخفاض مكاسبكم».
* مظاهرات مطلبية
كما شهدت طهران تجمعات طلابية منددة بتفشي البطالة وسوء الوضع الاقتصادي لدى شريحة كبيرة من المجتمع الإيراني، محملين النظام الحاكم المسؤولية في تردي الحالة المادية والنفسية للشعب. فأقام 200 من الخريجين في فروع الهندسة تجمعا احتجاجيا يوم الثلاثاء الماضي، مقابل برلمان النظام، مطالبين بتوظيفهم.
ووصف الإيرانيون الطبقة الحاكمة بالسارقين والمحتالين والمخادعين. «لن يتغير شيء إذا ربح روحاني أو رئاسي في الانتخابات، لأنهما وجهان لعملة واحدة، ألا وهي الفساد وحب المال والمتاجرة بالدين لدعم الإرهاب والشر»، هكذا وصف عجوز إيراني الوضع الراهن في البلاد ضمن تقرير مصور بعنوان: «آلام الشعب الإيراني… الانتخابات والبطالة».
ووصفت «رئيسة الجمهورية المنتخبة» من قبل المقاومة الإيرانية مريم رجوي، نظام الملالي، في ختام المسرحية التي تحوّلت إلى صراع محتدم على السلطة، بأنه نظام متشقّق يعاني من الضعف بشكل مضاعف، وأضافت: «لن تثمر الدورة الثانية لرئاسة روحاني سوى تفاقم الأزمات وتصعيد الصراع على السلطة. تفجّرت الأزمات في قمة الفاشية الدينية وستستمر حتى سقوط نظام ولاية الفقيه. الصراع على السلطة المتفجّر انعكاس لهزيمة النظام الاستراتيجية في حلّ أهمّ مشكلات المجتمع وتفاقم الاستياء العام».
وأشارت رجوي إلى أنه «في ظل هذه الظروف الحساسة الداخلية والإقليمية والدولية، فإن توحيد النظام القروسطي حيوي جداً لمواجهة الأزمات والاحتفاظ بالتوازن في النظام. إذن فإن فشل خامنئي لهندسة الانتخابات وإخراج الملا رئيسي من الصناديق ومن ثم توحيد نظام ولاية الفقيه، يعدّ فشلاً ذريعاً جداً ويعتبر من المؤشرات على نهاية نظام ولاية الفقيه».
* إدانة أوروبية
وصف 156 عضواً في البرلمان الأوروبي انتخابات الرئاسة الإيرانية بأنها «مزيفة وليست حرة ونزيهة».
وشدد النواب الأوروبيون، في بيان لهم عشية الانتخابات التي انطلقت أمس (الجمعة): «الانتخابات في إيران، ليست حرة ونزيهة، المعارضة ليس لها الحق في المشاركة. جميع المرشحين يجب عليهم أن يبرزوا اعتقادهم القلبي بمبدأ ولاية الفقيه».
وأضاف البيان أن «هناك مؤسسة غير منتخبة باسم مجلس صيانة الدستور يتم تعيين أعضاؤه من قبل خامنئي، ترفض أهلية معظم المرشحين».
وأكد النواب أن المعركة الواسعة للمعارضة الإيرانية ضد الانتخابات المزيفة والدعوة إلى تغيير النظام، قد أرّقت مضاجع المسؤولين للنظام الإيراني، حيث قال خامنئي: «لو أراد أحد القيام في الانتخابات خلافاً لأمن البلاد فمن المؤكد أنه سيتلقى صفعة قاسية».
* شكاوى من حملة رئيسي
يبدو أن فساد العملية الانتخابية وبعدها عن النزاهة والمصداقية، أمر محسوم ومؤكد ليس من قبل المعارضة فحسب. فقد صرحت حملة رئيسي في بيانات متتالية نشرت عبر وكالات «فارس» و«تسنيم» عن حدوث تخلف وتزوير في صناديق الاقتراع، وقالت إن اللجنة المشرفة على الانتخابات لم ترسل أوراق اقتراع كافية لبعض المراكز في المحافظات. كما نشر النائب السابق والقيادي في التيار الأصولي المتشدد علي رضا زاكاني، بياناً عبر قناته في «تلغرام» قال فيه: «هناك مخالفات منظمة غير مسبوقة ترتكبها حكومة روحاني»، ووصفها بـ«البوليسية».
السؤال المطروح إذن: لماذا يقوم هذا الحكم بإجراء انتخابات صورية؟
يعلم الإيرانيون جيداً أن كل عملية انتخابية تولد لهم تعثرا أساسيا وأزمات أمنية، وحملات تندد بالتناقض البارز في أساليب الحكم. ما الإفادة والأهداف إذن وراء تنصيب رئيس جمهورية من قبل المرشد الأعلى، فيستمد مشروعيته منه؟
جوهر الكلام هو أن فكرة الانتخابات تعد من الأفكار الإنسانية القديمة، التي تُسهِم في حل النزاعات، والخلافات حول رأي ما، خصوصاً بين شعب الدولة الواحدة. وقد عرف الرومان القدماء فكرة الانتخابات في اختيارهم للقادة، والشخصيات البارزة لتولي المناصب، والمهام في الدولة. فيجب عدم استغلال كلمتي «الشعب» و«الانتخابات» بغية إعطاء شرعية لحكومة استبدادية مطلقة. صوت الشعب الإيراني المسموع هو «لا»، حيث يرفض هذه السناريوهات المركبة. وكل نظام، مهما كان نوعه، لا يحوز على تأييد ودعم الشعب، تسقط شرعيته.
أضف تعليق