يبدو أن دونالد ترمب وطقم مستشاريه لا يأبهون للتداعيات السياسية التي يستدعيها قرار حظر دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية، وهذا ما يدفعهم إلى التمسك به، والسعي حثيثًا لإقراره بشكل نهائي.
إيلاف من واشنطن: “منع المسلمين من دخول أميركا”. إنه التصريح الأكثر إثارة للجدال، والذي كشف عن اتجاهات يمينية متطرفة في استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية، ليعود إلى الواجهة بقوة مع أيام رئاسة ترمب الأولى عبر قرار منع مواطني 6 دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، القرار الذي قوبل بانتفاضة حقوقية أعقبتها إجراءات قانونية وقضائية علقت العمل به استنادًا إلى شبهة العنصرية والتمييز ضد المسلمين، ليواصل ترمب بعدها الضغط على مستشاريه لاحتواء التعطيل القضائي من خلال طرح القرار بصيغة معدلة ثم تعليقه قضائيًا مرة أخرى. إلا أن ترمب لم يوقف ضغوطه لجعل القرار ساريًا، على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي واجهها جراء ذلك.
قرار المحكمة العليا
جهود ترمب ومستشاريه الحقوقيين مستمرة، لم تردعها الأحكام الصادرة بتعليق القرار ثم تعليق النسخة المعدلة منه، وبوقف العمل بالأمر الرئاسي الذي أصدره.
وبتقديم طلبين للمحكمة العليا الأميركية، تمكن محاموه من إقناع المحكمة بقبول الطلب الاستثنائي من البيت الأبيض بعدم الاعتداد بأحكام المحاكم الدنيا التي أمرت بوقف القرار.
بدأ العمل بالأمر الرئاسي بصفة موقتة مدة 90 يومًا باستهداف مواطني إيران والصومال والسودان وليبيا واليمن وسوريا؛ ومدة 120 يوماً في ما يخص برنامج اللاجئين، ومنعهم من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة.
آراء قانونية
يقول توماس واترسون، القاضي السابق في المحكمة العليا، إن قرار حظر دخول المسلمين ظل عقيدة لدى ترمب وأنصاره على الرغم من العراقيل القضائية، واعتماده صيغة معدلة ثم دفعه بطلب استثنائي للمحكمة العليا يعكسان ذلك، فيما صرح جاي سيكولو، محامي ترمب، أن على القرارات الرئاسية أن تعكس قوة النظام في استخدام سلطاته بما لا يخالف القانون، وهذا ما لم يندرج في صيغة القرار التي قدمها ترمب في السابق، ما يجعل أحكام التعليق التي أصدرتها المحاكم الفيدرالية على أجزاء محددة من القرار غير منطقية في استنادها إلى أن الرئيس يتخطى السلطات الممنوحة له من البرلمان، باعتماده أمرًا تنفيذيًا عنصريًا، كما يصفونه.
وأكد واترسون في حديث لشبكة فوكس بيزنس أن قرار المحكمة العليا “بمنزلة انتصار مهم وقوي للجهود التي بذلناها في إعادة القرار إلى سياقه، ما يعد نجاحًا هائلًا للرئيس الأميركي، وانتصارًا للأمر التنفيذي الذي أصدره، وسننتظر لنرى رأي المحكمة العليا في 20 أكتوبر المقبل، بشأن باقي معطيات القرار”.
أصداء حقوقية
علقت ريبيكا واتسون، مديرة الجمعية الحقوقية لحقوق اللاجئين والأقليات، في تصريحات لـ”إيلاف”، فقالت: “تمسك ترمب ومستشاريه القانونيين إلى هذا الحد بتطبيق القرار لا يبتعد عن توجهاته العنصرية منذ تصريحاته في أثناء حملته الرئاسية، فهو ربما يتعمد ذلك، وتلقى مثل هذه القرارات للأسف شعبية بين أنصاره، لكن الأغراض والإجراءات التأمينية التي يشير إليها ترمب لا بد ألا تعتمد على تصنيفات وتمييزات عنصرية ضد طائفة محددة أو دين محدد أو بلد محدد، ومن غير المنطقي أيضًا أن تتحرك دعاوى قضائية من مواطني تلك الدول في شأن عدم حصولهم على تأشيرة سفر للولايات المتحدة، فهذا أمر لم يحدث منذ 100 عام تقريبًا.
دلالات سياسية
توالت تغريدات ترمب احتفاءً بقرار المحكمة العليا، باعتبار أن الحكم جاء في صالح المصلحة الأميركية وحماية أمنها القومي، وهذا أمر يدعم نفوذ البيت الأبيض أمام عقبات كثيرة واجهتها قرارات ترمب وأطروحاته، سواء في ساحات المحاكم أو في الكونغرس، فاعتبر البعض قرار المحكمة العليا مكسبًا سياسيًا جديدًا للرئيس الأميركي.
وأشار مينور ميلتون، العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي، في تصريحات لشبكة فوكس نيوز، إلى أن مساعي الكثيرين لعرقلة ترمب، والتصيد الديمقراطي لقراراته، “لا يؤثران كما هو واضح في ما يحاول تحقيقه، فمؤشرات النجاح السياسي تعني تخطي العقبات التي تواجهها أي إدارة في تحقيق ما تريده، وهذا ما فعله ترمب ومستشاروه من خلال تمسكهم بتطبيق حظر مسلمي دول أفريقية وشرق أوسطية، وهذا ما حدث من خلال قرار المحكمة العليا حتى لو جاء بشكل جزئي، لكن الاختبار الحقيقي سيكون في المحكمة العليا التي تنظر في مرسوم ترمب، لذا ينبغي الانتظار حتى نهاية أكتوبر المقبل للبت فيه نهائيًا”.
أضف تعليق