ولد (إيلي كوهين) في الحي اليهودي بالإسكندرية في 16 كانون الأول 1924م، وكان أبواه (شاؤول وصوف كوهين) قد هاجرا من مدينة حلب السورية إلى مصر. ونشأ إيلي متديناً حيث كان يمضي معظم أوقاته في الكنيس متعبداً.. وكان متفوقاً في مدرسته.. فظفر بمنحة دراسية مرموقة للتعليم في مدرسة (الليسية الفرنسية)، وفي وقت مبكر أصبح يجيد الفرنسية والعبرية بطلاقة. ودرس التلمود، وحفظ بعض النصوص عن ظهر قلب. وكان إيلي رياضياً قوي البنية. وأدت ميوله في البحث.. واهتمامه العميق باليهودية إلى إرساله أول الأمر إلى مدرسة (ميمون) في القاهرة ثم إلى مدارس (رامبام) لدراسة التلمود.. وكان يشرف عليها (موشي فنتورا كبير حاخمي الإسكندرية).
وبين العاشرة والعشرين من عمره.. تحول اهتمامه عن الموضوعات الدينية إلى الرياضيات والفيزياء. ولما دخلت مصر الحرب مع الحلفاء عام 1940م، اكتسب إيلي هواية جديدة ألا وهي الأسلحة.. وكان شغوفاً بوجه خاص بمختلف أنواع الطائرات. وفي عام 1950م هاجرت أسرة إيلي إلى فلسطين ورتب هو لها خطة السفر الكاملة. قدم جميع الوثائق اللازمة لها.. ورفض أن يرحل معها ليبقى في الإسكندرية ليقوم بأعمال التجسس ومعه جهاز الراديو الذي زودته به إسرائيل.. وكان يرسل إلى تل أبيب أية معلومات يتمكن من الحصول عليها. وكان ذلك أول أعمال إيلي التجسسية الرسمية التي كلف بها من قبل الموساد الإسرائيلي.
وفي تشرين الثاني اعتقل كوهين.. وكان متأكداً وهو في زنزانته أنه سيعدم. فقد انقضت سنوات وهو يتجسس، ولم يكن يشك في أن تكشف حقيقة ما مارسه من نشاطات تجسسية.
واستطاع إيلي إقناع سجانيه بأنه صهيوني في معتقداته فقط، ولم يتمكن المحققون من العثور على أي دليل على ممارسته لأية نشاطات تجسسية. ولكنهم أخبروه بأنه سيطرد من مصر.
وفي 20 كانون الأول 1956م.. وجد إيلي كوهين نفسه على ظهر سفينة متجهة إلى نابولي.. حيث نزل مع باقي اليهود المطرودين من مصر بانتظار السفن التي تقدمها لهم حكومة إسرائيل.
وأخيراً عاد كوهين إلى إسرائيل في 12 شباط عام 1957م. وتسلم إيلي الوثائق التي تشهد بأنه مواطن إسرائيلي. وعاد إلى أهله الذين فارقوه منذ أكثر من ست سنوات. وقضى إيلي عدة أشهر قبل أن يجد عملاً في أواخر عام 1957م في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي أوائل عام 1959م قابل إيلي امرأة يهودية من أصل عراقي تدعى (ناديا) في نادي الجنود بتل أبيب.. وقبل انقضاء أقل من أسبوعين تزوج كوهين من ناديا.
بعد انقطاع كوهين عن العمل بفترة طُلب إليه الالتحاق بجهاز الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي). وشرع إيلي في دراسة مكثفة استغرقت ستة أشهر في مختلف فنون مهنته الجديدة.. وبقي طيلة مدة تدريبه تلك.. ساكناً في شقة استأجرها الموساد له بتل أبيب بعيداً عن أسرته لتكون مركزاً للتدريب.. وهي ما تزال كذلك حتى يومنا هذا.. ولم يكن يسمح له بمغادرة الشقة بدون إذن.. وفي العادة لم يكن يخرج إلا ليسير في المساء بصحبة مدربه ضابط الموساد (إسحاق زلمان).
وقام إيلي طيلة فصلي الربيع والصيف من عام 1960م بدراسة جميع مناهج الموساد.. وقد علمه خبراء مجربون في فنون التخريب كيف يضع المتفجرات والقنابل الزمنية الموقوتة من أبسط مركباتها.. كما أُخذ إلى معسكرات الجيش ليرى كيف تستعمل أجهزة التفجير المختلفة.. في نسف الجسور والمنشآت. وقام خبراء في فنون المعاركة والمصارعة بتعليم إيلي كيف يناجز خصمه وهو أعزل.
عكف إيلي كوهين على دراسة الإسلام.. وحفظ آيات كثيرة من القرآن عن ظهر قلب.. كما تعلم ما يقوم به وهو يؤدي الصلوات الخمس.. كما تفرضها الشريعة الإسلامية.
ذهب كوهين مع مدرّبه إلى الحدود السورية – مرتفعات الجولان – وعرف من مدربه أنه يُخطط له للذهاب إلى سورية.
وفكر رؤساء كوهين في إرساله أول الأمر إلى سورية منتحلاً شخصية مواطن من إسبانيا أو أمريكا الجنوبية.. ولكن قرارهم الأخير هو اختيارهم له شخصية عربية يتقمصها.
بدأ إيلي كوهين دراسة مكثفة عن تاريخ سورية.. وتطورها الاقتصادي.. وحكومتها.. وجغرافيتها.. وطوبوغرافيتها. كما قام عدد من الأساتذة تعليمه اللهجة السورية.
كما ألزمته قيادته بتعلم كل ما يقدر عليه من معلومات عن الأرجنتين.. من تاريخ وسياسة وجغرافيا وصقل لغته الإسبانية.
وأخيراً أعطى الموساد إشارة الانطلاق إلى كوهين.. فقد حان الوقت لإرساله إلى العمل.
يتبع
أضف تعليق