أكتب هذه الكلمات وأنا في جوار بيت الله الحرام ناصحا وخائفا على مستقبل بلدي في مرحلة تاريخية خطرة نرى أمامنا البيت الخليجي يتصدّع وهو الذي كان لنا الدرع الواقي بعد الله في أحلك الظروف ، وبكل شفافية يحذرنا سمو الأمير وهو الذي بذل جهدا ضخما مشكورا لتحقيق المصالحة ورأب الصدع بين الأشقاء يحذرنا من تطورات هذه الأزمة في ظل تحديات سياسية واقتصادية لا تخفى على كل مراقب في ظل وضع إقليمي وصل إلى أعلى درجات التوتر.
أكتب هذه الكلمات للسلطتين التنفيذية والتشريعية بصفتي ممثل للأمة عبر انتخابات شرعية حصنتها المحكمة الدستورية.
أولا لسمو رئيس الوزراء القادم:
عندما يختارك سمو الأمير لتشكيل الحكومة فهذا أمر جلل ينبني عليه وضع السياسات وتنفيذها ، لذا عليك بالتأني ثم التأني في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب ، أحسن الإختيار ولو استغرق ذلك وقتا فوق المعتاد، احذر ثم احذر عناصر التأزيم ومن امتلأت صحائفهم بالمخالفات الإدارية والمالية فالبلد تمر بمرحلة مفصلية ، ليكن الإختيار لرجال دولة أصحاب قرار ، يعملون لمصلحة بلدهم وشعبهم لا لمصالح شخصية أو فئوية ، وزراء يحملون رؤية وخطة واضحة لتطوير وزاراتهم، الكويت ولّادة، فلتحرص على تطعيم الوزارة بالوجوه الشبابية يبعثون الحيوية في الحكومة ويبدعون في إيجاد الحلول وابتكار الفرص.
يا سمو الرئيس : لا أحتاج أن ألفت نظرك الى أن هذا المجلس يختلف عن المجالس السابقة ، فهو متنوع المشارب ويمثل بصورة أكبر لمختلف قطاعات الشعب ، وشارك فيه كثير من المقاطعين ، وفيه نفس معارضة قوي ، لذا تعين عليك وأنت تحمل هذه المسؤولية أن تتعامل بنزاهة وحيادية مع مختلف التوجهات داخل المجلس فجميعهم بلا استثناء يمثلون اختيار الشعب ، ولديهم ملفات بعضها شائك يحتاج إلى تفاهم وتقدير لمصالح ومفاسد لا ينبغي أن تفوت سموك وأنت تضطلع بهذه المهمة.
باختصار – حتى تعيين سمو الأمير حفظه الله – فلتتأن يا سمو رئيس الوزراء في الوقت ولتحسن الإختيار ولتبتعد عن العناصر المؤزمة ولتكن حياديا مع الجميع ولتتقن التعامل مع الملفات الشائكة .
ثانيا أخواني أعضاء مجلس الأمة: أكلمكم وأنا فرد منكم ، تتفوقون علي بكثير من الفهم والأخلاق والأعمال ،لكن هذا لا يمنعني من توجيه كلماتي وأنا أرى بلدي يمر بمنعطف خطير وتحول تاريخي في الوضع الإقليمي ، فكلنا في مركب واحد وأي خرق فيه يغرقنا جميعا ، فكيف إذا كانت سفينتنا الكويت هذه النعمة المهداة من رب العالمين ، وواجبنا الحفاظ على أمنها واستقرارها.
أخواني : كلنا يعلم حجم المخالفات والأخطاء في كل الوزارات بلا استثناء ، وهذا تراكم سنوات غابت فيها الرقابة الحقيقية واستمراء البعض في غيه واستخفافه بالشعب والأدوات الدستورية ، ولا أشك لحظة بحق كل نائب في استخدام أدواته الدستورية في المساءلة والرقابة ، وهذا ما طغى على المجلس في دور الإنعقاد الأول ومبدأ الثاني بحيث بلغ خمس استجوابات وكثير من التلويح به ، فضلا عن تشكيل لجان التحقيق والأسئلة بالمئات ، وهذا لا شك دور حقيقي للبرلمان واستحقاق ، لكن تأخر الجانب التشريعي في المقابل وتأخر إصلاح الخلل في كثير من القرارات التنفيذية ، وتراجعت الرقابة على عدم التنفيذ لكثير من اللوائح والتشريعات السابقة ، افتقدنا التفاهم كمجلس مع الحكومة لطي كثير من الملفات التي وعدنا بها الشعب ، للأسف اكتفينا في كثير من الأحيان بإطلاق تصريحات وبيانات دون تحويلها إلى تفاهم نلتقى فيه على طاولة واحدة نصل فيه إلى حلول ترضي المواطن ونرتقي بوطننا من خلالها ، والأهم أن نتجاوز هذه المرحلة التاريخية ونعين سمو الأمير في تخطي الصعاب التي تمر بها البلاد عبر الخطوات التالية :
أولا : نطلب جلسة مصارحة مع سمو الأمير حفظه الله وبحضور رؤساء السلطات الثلاث.
ثانيا : كما طلبت من رئيس الوزراء ابعاد عناصر التأزيم عن التشكيلة القادمة ، فأطلب منكم طلبا خاصا وراجيا في المقابل تأخير أداة الإستجواب في هذا الدور على الأقل وحتى نتخطى هذا الظرف الخطير والأزمة الإقليمية العاصفة ، ولنكن رجال دولة يذكرنا التاريخ أننا وقفنا مع القيادة السياسية في ظرف حالك مدلهم.
ثالثا : لننجز القوانين والملفات التي هي محل اتفاق بين الحكومة والمجلس.
رابعا: أما الملفات الشائكة فلنجلس على طاولة واحدة فيما بيننا ثم مع الحكومة لنحدد الملفات التي نريد تجاوزها ، وخاصة التي يعتقد أنها مستعجلة ووعدنا بها الشعب وهي في نفس الوقت فيها وجهات متعارضة.
خامسا: اقترح أن يخصص يوم الخميس من كل جلسة للاستماع ونقاش كل وزير في مسؤوليته وليلزم بتوصيات يعمل على تنفيذها خلال دور الانعقاد وحسب المدة الزمنية المناسبة للتنفيذ وإلا يكون عرضة للمساءلة بعد انتهاء المدة وعدم قيامه بتنفيذ التوصيات وما وعد به المجلس.
ختاما :
أختم بما بدأت به.. لنكن على مستوى المسؤولية ونساند قائد مسيرتنا وربان السفينة في تجاوز هذه المرحلة دون إفراط أو تفريط بحقوقنا ولكن بتوازن وحكمة تحفظ لنا بلدنا ومكتسباتنا ، والله الموفق لما يحب ويرضى، وهذه الكلمات هي إجتهادي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة فسامحوني.
بقلم د.عادل الدمخي
عضو مجلس الأمة الكويتي
أضف تعليق