خفض القانون (49) عقوبة الأفعال التي توجب الإعدام لمن يسلم نفسه إلى الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأكثر، إلا أنه استثنى من هم قيد التوقيف أو المحاكمة من الاستفادة من هذا القانون.
وأدى صدور هذا القانون الفريد من نوعه إلى قيام عدد قليل من الإخوان في إعلان انسحابهم على صفحات الجرائد المحلية، في حين فر الآلاف خارج البلاد سواء من أعضاء التنظيم أو أقربائهم.
لم يتوقف العنف الثوري عند النظام بإصداره هذا القانون الجائر بل تمادى إلى أبعد من ذلك، حيث أقدم على ارتكاب مجازر فظيعة وشنيعة في مدينة حلب توجها بالمجزرة البشعة (مجزرة المشارقة). وهذه رواية شاهد عيان لهذه المجزرة الدموية:
بينما الناس يتزاورون ويهنئون بعضهم بعيد الأضحى المبارك إذ بالمقدم هاشم معلا “قائد الوحدات الخاصة” يأمر رجاله بتطويق حي المشارقة وإخراج الاهالي من بيوتهم ثم يأمرهم بإطلاق النار عليهم فقتلوا أكثر من 100 شخص معظمهم من الأطفال والعجائز، ويقول أحد الضباط الشهود على المجزرة ما يلي:
“هاشم معلا طلب مني بالحرف الواحد عدم التجمع في أيام العيد لأن الدولة قررت أن تقوم بمجزره في حلب لإرهاب أهل حلب وفعلا نفذ معلا ما بيته لأهل حلب، فقد كنا نقوم بزيارة اقربائنا بمناسبة العيد كل منزل بمنزله وفجأة سمعنا صوت إطلاق رصاص غزير عندها جاءت عناصر من الوحدات الخاصة وتدق على البيوت وتأخذ الشباب والأطفال والرجال الشياب لحجة أن الضابط يريد التحقيق معهن وإذا بعناصر من الوحدات الخاصة ومعهم أربجيهات ورشاشات كبيره ودبابات أمام البيوت وطلبوا مننا أن ندخل بيوتنا وإلا سوف يدمرونها فوق رؤوسنا ولا ندري ماذا يحدث في هذا الحي بأول ايام العيد وكلنا بثياب العيد وبعد ساعات وقف إطلاق الرصاص وانسحب بعض العناصر من الوحدات الخاصة والدبابات من شوارع حي المشارقة وفتحنا باب المنزل وإذا بأحد الجرحى قال اذهبوا لقد قتلوا أهل الحي جميعا، فعلاً أرسلنا شخص ليسعف هذا الجريح وذهبنا لموقع المجزرة واذ 85 شهيد من شاب وعجوز وطفل فوق بعضهم البعض فبدأنا نقلب الجثث فعثرنا على جريحين لم يفارقوا الحياة بعد لأنه كان فوقهم جثث كثيره وكانت إصاباتهم بالغه وكان منفذ هذه المجزرة الوحشية العقيد هشام معلا والنقيب غدير حسين من أهالي اللاذقية ومعهم بعض المرتزقة وكانوا يطلقون الرصاص الكثيف على ال 85 شهيد ودعسوا فوقهم باقدامهم ويطلقون عليهم طلقات الخلاص وبعدما انتهوا من قتل الشهداء بدأوا يربطون بعض الجثث من رجولهم ويسحبونهم بشوارع حلب ويرموهم على مداخل مدينة حلب حتى يرهبوا أهل حلب وفعلا بعض الشهداء لم نراهم الا باليوم الثاني بالطبابة الشرعية حيث كانت دوريات النجدة تجمع الجثث المرماة في مداخل المدينة وتنقلهم إلى الطبابة الشرعية فعلا لقد نفذ وعده بهذه المجزرة الوحشية العقيد هشام معلا والنقيب غدير حسين ومعهم بعض المرتزقة ارضاء لأوامر سيدهم المجرم الكبير حافظ الأسد”.
وللتاريخ أدلي بشهادتي:
“كنت عند وقوع المجزرة في مدينة حلب أعمل موظفاً في الجمارك، وقد روى لي أحد الزملاء الذي كان بصحبة العقيد “طاهر سلطان” رئيس الضابطة الجمركية بحلب عند قيامه بزيارة المقدم هاشم معلا “قائد الوحدات لخاصة” في مكان إقامته في الملعب البلدي بمناسبة العيد لتقديم التهنئة له.. روى لي ما جرى من حديث بين المقدم هاشم معلا والعقيد طاهر سلطان:
العقيد طاهر: لقد ارتكبتم خطأ كبيراً في القيام بهذه العملية (يقصد مجزرة المشارقة)!
المقدم معلا: أردنا بهذه العملية تأديب أهل حلب وتخويفهم.
العقيد طاهر: لكن هذه العملية كانت ذات حدين: تأديب أهل حلب وإخافتهم كما تقول، ولكنها بنفس الوقت تسيء للنظام ولشخص الرئيس حافظ الأسد.
المقدم معلا: والله أنا هيك اجتني التعليمات من القائد – يقصد العقيد رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد – فقد وجه لي كتاباً يأمرني فيه بالقيام بخمس عمليات بحلب تشمل خمسة أحياء شعبية كان من بينها حي المشارقة انتقاماً لما حدث في مدرسة المدفعية.
العقيد طاهر: ولكن ما قام بمجزرة المدفعية عصابة كما أعلنتم، أما ما تقومون به فهو عمل دولة وهذا لا يجوز.
المقدم معلا: أنا عسكري وأنفذ الأوامر.
العقيد طاهر: أنت معذور فيما قمت وأرجو أن تحقق هذه العملية الأغراض المرجوة منها، وتتوقف العصابات عن جرائمها”.
للعلم فإن العقيد طاهر سلطان هو “علوي” من منطقة السلمية ومتزوج من حلبية سنية وكان في مطلع حياته العسكرية مديراً لسجن المزة العسكري، وقد أمضيت فيه نحو سنة معتقلاً لأسباب سياسية ملفقة لا علم لي بها أيام إدارته للسجن وكان برتبة ملازم أول. بعدها نقل إلى إدارات مدنية ومنها مديراً للسياحة في حلب قبل أن يتسلم قيادة االضابطة الجمركية بحلب سنة 1976. وكان على صداقة مع الشيخ محمد الشامي.
لقد ارتكب النظام مجازر متتالية بحق أهالي حلب بعد مجزرة المشارقة وكان منها:
*مجزرة سوق الاحد يوم 13/7/1980: أكثر من 192 قتيل
*مجزرة بستان القصر يوم 12/8/1980: 35 قتيل
*مجزرة الكلاسة: 35 إلى 110 قتيل
*مجزرة تحت قلعة حلب ويقال عن قتلى بآلالف ودفن جماعي ويقدر عدد القتلى: 1600 ألى 1900 قتيل وجرحى دفنوا وهم أحياء.
*مجزرة أقيول: إعدام أكثر من 2000 شاب على مدى عامين في ساحة الألمجي مجرد أن مسؤول تنظيم الاخوان المسلمين عن حلب مصطفى قصار من هذا الحي.
*مجازر أخرى متفرقة ومخفية في حلب
سلسلة مجازر ارتكبها النظام في بعض المدن السورية:
مجزرة (حماة الأولى):
بتاريخ 5-12/4/1980 نفذ النظام الأسدي مجزرة حماة الأولى، حيث مشّطت قواته المدينة بفرقة مدرعة بكتيبتين مدرعتين من الوحدات الخاصة، قطعت المدينة عن العالم الخارجي، كما قطعت عنها الماء والكهرباء، وفتشتها بيتاً بيتاً مع الضرب والنهب، وقتلت عدداً من أعيان المدينة وشخصياتها، كما اعتقلت وقتلت المئات، من أبناء المدينة.
مجزرة ساحة العباسيين – دمشق
وفي دمشق في 18 آب 1980م، داهمت القوات المسلحة في حكومة حافظ الأسد ساحة العباسيين، وهاجمت المنازل المجاورة بالقذائف المكثفة وكانت الحصيلة مقتل 60 شخصاً وجرح 150 آخرين وتدمير ثلاث بنايات.
مجزرة الرقة:
جمعت القوات السورية 400 شخص كمعتقلين في مدرسة ثانوية بمدينة الرقة شمال البلاد في منتصف أيلول 1980م وأشعلت النيران في المدرسة في ليلة ممطرة حيث قتل الجميع ولم ينج منهم أحد.
يتبع
أضف تعليق