رياضة

“الرسام” الذي لا يختلف عليه اثنان

يوم أن أعلن زيدان اعتزاله كرة القدم شعرعشاق المتعة الكروية بالأسف ولم يتوقع أي منهم أن يتم تعويض الأسطورة الفرنسية مباشرة بلاعب ولا أروع ، فكان الرسام الاسباني اندريس انيستا خير خلف لخير سلف من حيث البراعة في صناعة الألعاب والتمريرات الدقيقة والتحكم الرهيب بالكرة بكل جزء من أعضاء الجسم فضلا عن المرواغات الساحرة في أضيق المساحات والأهم من ذلك كله تسجيل الأهداف الهامة في المناسبات الكبرى .

ولكن من المؤسف أن يعتزل انيستا كرة القدم دون أن يتحصل على جائزة أفضل لاعب في العالم ولو لمرة واحدة تنصف ما قدمه من سحر كروي في مجال صناعة الألعاب طوال اثني عشر موسما قضاها مع برشلونة والمنتخب الاسباني كان خلالها بمثابة حجر الرحى مع النادي والمنتخب على حد سواء مما جعله ينال اعجاب المنافسين قبل المناصرين ،،، ولربما يعتبر انيستا أكثر من تعرض للظلم الاعلامي والجماهيري وسط هيمنة ميسي ورونالدو على جائزة الكرة الذهبية في السنوات العشرالأخيرة ،،، ورغم أحقية الثنائي الذهبي بالفوز بالغالبية العظمى من الألقاب إلا أنه من الظلم انتهاء مشوار انيستا مع الكرة دون أن يتحصل على لقب أفضل لاعب رغم الإنجازات الكبيرة والعديدة التي حققها الرسام ووصل عددها إلى ” خمس وثلاثون بطولة وهي :

– كأس العالم 2010 – كأس الأمم الأوربية مرتين 2008 – 2012 – دوري أبطال أوروبا 4 مرات – كأس السوبر الأوروبية 3 مرات – الدوري الاسباني 8 مرات – كأس اسبانيا 6 مرات – كأس السوبر الاسبانية 6 مرات – كأس العالم للأندية 3 مرات – كأس أوروبا تحت سن 17 عام – كأس أوروبا تحت سن 19 عام

وعلى مستوى الجوائز الفردية فاز بلقب أفضل لاعب في أوروبا 2012 وفاز بلقب أفضل لاعب في بطولة الأمم الأوربية 2012 فاز بلقب أفضل لاعب في الدوري الاسباني 2009 ،،،

ومن سوء حظ انيستا ، وفي ذات الوقت من حسن حظ الريال وعشاقه ، أن المرتين اللتين استحق خلالهما انيستا الفوز بالجائزة تحصل عليهما زميله في النادي ومعشوق الجماهير الكتالونية ” ليونيل ميسي ” وإلا لأنتفض الاعلام الكتالوني والجماهير كذلك من أجل الدفاع عن حق انيستا بالفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم في المرتين وبخاصة لو كان رونالدو من فاز بهما ،،، فالألقاب الجماعية التي حققها ميسي كانت بمشاركة انيستا مع فارق أن الإنجازات الكبرى مع المنتخب صبت في مصلحة انيستا على حساب ميسي في أكثر من موسم ومع ذلك لم يشفع كل ذلك لانيستا بأن يظفر بجائزة أفضل لاعب في العالم لمرة واحدة يزين بها سجله المشرف والحافل بالبطولات والإنجازات ،،، نعم استفاد انيستا من كونه أحد لاعبي الحقبة الذهبية لبرشلونة في السنوات العشر الأخيرة إلا أنه كان أحد أهم أسباب نجاح الفريق أيضا رفقة ميسي وتشافي تحديدا ،،، وإن كنا لا نختلف على موهبة ميسي كأحد أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم إلا أن ذلك لا يمنعنا من الحديث عن الظلم الذي تعرض له انيستا لحساب البرغوث الأرجنتيني ،،، تماما كما تعرض أكثر من لاعب ألماني للظلم في السنوات الأخيرة بسبب سطوة رونالدو – ميسي على الجوائز الفردية العالمية ،،،

ففي نسخة 2010 من جائزة أفضل لاعب في العالم ، كان انيستا قد قاد منتخب بلاده للفوز بكأس العام من خلال تقديمه أداء غاية في المتعة بل وسجل هدف الفوز القاتل على المنتخب الهولندي في المباراة النهائية ،،، وحقق مع ناديه بطولة الدوري رفقة ميسي وتشافي المرشحين الاخرين للفوز بالجائزة انذاك وفي دوري الأبطال كان انيستا قد غاب عن مباراتي نصف النهائي أمام انتر ميلان اللتين شارك فيهما ميسي وتشافي وفاز الانتر بمجموعهما وتأهل للنهائي على حساب برشلونة ،،، ومع ذلك ذهبت الجائزة لميسي الذي فاز بلقب هداف الدوري وهداف دوري الأبطال فقط في حين لم يقدم شيئا يذكر في كأس العالم حيث خرجت الارجنتين من دور الثمانية بهزيمة مذلة أمام المانيا (0-4) ودون أن يسجل ميسي أيا من أهداف الارجنتين في تلك البطولة وإن كان صنع بعض الأهداف في دور المجموعات ،،،

وفي نسخة 2012 كان انيستا قد قاد منتخب بلاده للاحتفاظ ببطولة أمم أوروبا 2012 بكل اقتدار بل فاز بلقب أفضل لاعب في البطولة بعدما حصل على لقب ” أفضل لاعب ” في ثلاث مباريات منها المباراة النهائية التي فاز بها المنتخب الاسباني على الايطالي برباعية نظيفة ،،، وإثر ذلك أنصفه الاتحاد الأوروبي بأن منحه لقب أفضل لاعب في أوروبا ،،، ورغم أن الدوري الاسباني في ذلك الموسم ذهب لريال مدريد في حين خرج برشلونة من نصف نهائي دوري الأبطال أمام تشيلسي ولم يفز برشلونة سوى بكأس اسبانيا إلا أن جائزة أفضل لاعب في العالم منحت لميسي لفوزه بلقب هداف الدوري الاسباني وهداف دوري الأبطال من جديد فيما حل رونالدو ثانيا وجاء انيستا ثالثا في ظلم واضح تعرض له الرسام للمرة الثانية لحساب زميله ميسي ،،،

بخلاصة ،،،

الكرة الذهبية في السنوات العشر الأخيرة وإن كانت تعليماتها تشير بأنها تعتمد على عدة معايير هامة منها إنجازات اللاعب مع ناديه ومنتخب بلاده فضلا عن إنجازاته الفردية إلا أنها توزعت بين ميسي ورنالدو في غالبية المرات بناء على سجلهما التهديفي وقدراتهما الخاصة فقط وبما يخدم المنافسة التي يبحث عنها الاعلام وهو الأمر الذي تسبب بظلم أكثر من لاعب وفي مقدمتهم انيستا الذي حرم من تسجيل اسمه بين عظماء كرة القدم الذين جمعوا بين الألقاب الجماعية والفردية الهامة وإن كانت الجماهير الذواقة لا تقبل إلإ باعتبار الرسام أحد هؤلاء الأساطير ،،، ورغم الهدوء الذي يتسلح به انيستا دوما إلا أن انتهاء مشواره مع الكرة دفعه للتصرف بعصبية غير مسبوقة مع حكم مباراة الأمس الذي منحه بطاقة صفراء مستحقة كنا نتمنى أن يتجاوز عنها لكي لا يفسد الوداعية الأكثر من رائعة والتي رسمها انيستا رفقة الساحر الاخر ميسي بكل اقتدار وختمها الأثنان بصياغة هدف ولا أروع في مرمى اشبيلية ليحتضن ميسي رفيق دربه بعاطفة جياشة توحي بأنه سيفتقده كثيرا وبخاصة في ظل شح المواهب القيمة في الملاعب حاليا ،،،