نافذة : عينٌ على العالَم
لماذا السياحة في تركيا ؟

لو كان العالم دولة واحدة لكانت إسطنبول عاصمته ، هذه مقولة مشهورة للقائد الفرنسي نابليون بونابرت.
لقد استطاعت تركيا أن تكون مقصداً سياحياً عالمياً لتنافس دولاً سياحية كثيرة ، وتسحب البساط من تحت أقدامها ، فوزير الثقافة والسياحة البرفسور نعمان كورتولموش وهو من الشخصيات المؤثرة في الحكومة التركية ، بل هو الرجل المناسب لهذا المنصب لما يملك من خبرة وحسن إدارة ، وله مؤلفات كثيرة عن السياحة التركية ، من مثل كتابيه التحول الصناعي العميق و النموذج الياباني في قيادة المصادر البشرية ، وبمثل هذه النماذج من الوزراء استطاعت الحكومة التركية أن تجعل تركيا على خريطة العالم السياحية، حيث بلغ السياح في عام 2017 ( 38,6) مليون سائح وبلغت عائدات السياحة أكثر من 26 مليار دولار ، بل عدد السياح في الربع الأول من 2018 سجل رقم قياسي حيث تجاوز 5 مليون سائح. وذلك بفضل ما تتميز به من أدوات جذب سياحي .
إن أهم ما تتميز به تركيا هو تنوع أماكن الجذب السياحي ، فبسبب موقعها الجغرافي المتميز كانت حلقة الوصل بين آسيا وأوروبا ، وهذا كافٍ لجعل تركيا بلداً سياحيًا ، ولكن هناك مقومات سياحية كثيرة ، فتركيا ثرية في تنوعها الجغرافي ، ومن يرغبون في السياحة الشاطئية يجدون بغيتهم بسبب موقع تركيا على أربع بحار ؛ ( مرمرة ، إيجة ،البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود) فتركيا تمتلك 7200 كم من الشريط الساحلي و 455 شاطئا من الشواطئ الحائزة على شهادة العلم الأزرق وتعتبر الثانية عالمياً بعد إسبانيا ، وكذلك هناك 22 مرسى للسفن حائز أيضاً على شهادة العلم الأزرق. وتتميز تركيا بوجود آثار تاريخية ، حيث بلغت 316 أثر تاريخي بين إسلامي ومسيحي ويهودي ، أمّا من يعشق الطبيعة والجبال الخضراء والشلالات والأنهار والبحيرات ، فلا بد أن تكون تركيا مقصده ومبتغاه ،حيث يوجد فيها عشر بحيرات ، وأمّا من يبحث عن متعة التسوق ، فسوف يجد في تركيا جميع ما يبحث عنه من بضائع متنوعة ذات جودة عالية وأسعار تنافسية، خاصة أن تركيا تتميز بضائعها بجودة عالية ،و كذلك تتميز تركيا بكثير من المجمعات التجارية الكبيرة .
وتشتهر إسطنبول بمولات من أكبر المولات في المنطقة ، وكذلك يوجد البازار الكبير أو السوق المسقوف كما يحلو للبعض تسميته ، وأيضاً يوجد السوق المصري حيث تجد فيه مبتغاك.

يعتبر المطبخ التركي من أكثر المطابخ العالمية تنوعا إذ يجمع بين العديد من صفات المطبخ العربي والفارسي والهندي والكردي والشركسي والأرمني ،وذلك بسب التاريخ الطويل للدولة العثمانية ، وما يميز المطبخ التركي تنوعه ولذته، وصفاته واهتمامه بالأطعمة القديمة المتوارثة من الأجداد والجدات ، ويشتهر المطبخ التركي بالمعجنات والسميط والكفتة التركية والكباب التركي ، حيث تتميز كل منطقة بنوع خاص من الكباب التركي ، كذلك يتميز المطبخ التركي بصناعة الحلويات والتي تعتبر هي الأولى في العالم خاصة البقلاوة التركية بالفستق أو القطايف أو الجولاش أو راحة الحلقوم وغيرها من الحلويات التركية المتنوعة وبأسعار تنافسية ، ويوجد في تركيا مجموعة من المطاعم والمقاهي التي انتشرت في العالم وأصبحت ماركات عالمية .
كذلك تعتبر تركيا الأولى أوروبياً في السياحة الجوفية حيث لديها 1500 من الينابيع الحارة، وتتميز تركيا بشبكة من الطرق نادراً ما تجدها في بلد آخر ، فجميع الولايات التركية مربوطة بشبكة من الطرق السريعة ، وجسور معلقة فوق البحر تربط بين آسيا وأوروبا ، ونفق أوراسيا تحت البحر يربط بين آسيا وأوروبا ، وكذلك شبكة قطارات تربط بين الولايات التركية، وأيضاً توجد عبّارات بحرية لنقل الركاب مع مركباتهم بين بعض المدن التركية، وشبكة المترو التي تربط مناطق اسطنبول ببعضها البعض لتفادي الزحام حيث إن التنقل بواسطتها يوفر الوقت والمال ، بالإضافة إلى ذلك تتميز تركيا بوجود مجموعة كبيرة من المطارات حيث يوجد فيها 102مطار منها 8 مطارات دولية تربط بين المدن التركية لسهولة التنقلات بينها ، وتعتبر الخطوط التركية من الشركات الكبيرة على مستوى العالم. فهي تنقل الركاب إلى جميع دول العالم وأسعارها تنافسية، لذلك نجد دائما مطار أتاتورك مزدحماً بالركاب خاصة الترانزيت لأن تركيا من أهم محطات الترانزيت في العالم ، وتقوم تركيا حالياً ببناء أكبر مطار في العالم وسوف يستقبل 90 مليون راكب سنويا وسيوفر وظائف لأكثر من 100ألف مواطن لخدمة المسافرين ، لقد وتتميز تركيا بكثرة الفنادق بجميع المستويات وبأسعار تنافسية ترضي جميع الأذواق ، حيث بلغ عدد المنشأة السياحية للإقامة الفندقية تقريبا 13 الف منشأة .

لو راجعنا الإحصائيات الرسمية لنمو السياحة في تركيا لوجدنا أن هناك صعوداً سريعاً بسبب ما تقدمه الحكومة التركية متمثلة في حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس أردوغان من خدمات الهدف منها هو جعل تركيا دولة جاذبة سواء للسائح أو المستثمر لأنها بلد تتمتع بالأمان واقتصاد قوي وفرص استثمارية كثيرة ومتنوعة سواء في مجال السياحة أو العقار أو الطاقة أو الصناعة وغيرها من المجالات الاستثمارية الكثيرة التي توفر الحكومة بيئة استثمارية آمنة نادراً ما تجدها في بلد آخر .

إن الحكومة التركية توفر حوافز كثيرة مثل سعر فائدة منخفض وضرائب منخفضة ، كل ذلك لإزالة أي عوائق بيروقراطية تعيق النمو في قطاع السياحة أو في غيرها من قطاعات الاستثمار ، وكذلك تتميز تركيا بالسياحة العلاجية ففيها مجموعة كبيرة من المستشفيات الحكومية والخاصة تقدم أحدث ما وصل إليه الطب الحديث خاصة أن لديها مراكز أبحاث طبية جامعية لمواكبة مراكز الأبحاث العالمية ، وتقيم تركيا المعارض العالمية في جميع المجالات ، وهذه فرصة لمن يزور تركيا أن يحضر هذه المعارض المميزة ليطلع على أحدث ما في تركيا والعالم.
لقد دأبت رئاسة الوزراء متمثلة في وكالة دعم وتشجيع الاستثمار برئاسة كبير المستشارين دكتور مصطفى كوكصو الرجل الذي لا يكل ولا يمل ويعمل أربع وعشرين ساعة في اليوم بدون مبالغة وتجدونه يتنقل بين الدول من أجل العمل على دعم تركيا في مجال الاستثمار ، ودأبت هذه الوكالة على إقامة ملتقيات ومؤتمرات بدعم حكومي لتعريف رجال الأعمال بالفرص الاستثمارية في تركيا ، وقد وجهت لنا مشكورة دعوة لحضور ملتقى قمة البحر الأسود للسياحة والاستثمار في الفترة من 2 إلى4 مايو في منطقة البحر الأسود في مدينة أوردو وهي تسمى عروس البحر الأسود وقد زرتها عام 2003م ، ومن المؤكد أنها اليوم ستكون مختلفة بسبب الدعم الذي تقدمه حكومة العدالة والتنمية خاصة أنها قامت بإنشاء مطار في البحر على جزيرة صناعية وهذا بحد ذاته إنجاز جبار ، لأنه سابقا لا يوجد في منطقة البحر الأسود مطار دولي إلا مطار طربزون ، مع العلم أن أعداد السياح في المنطقة بازدياد لما تتميز به هذا المنطقة من طبيعة خلابة و طقس معتدل.
وعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد في أوردو وحدها مئة شلال. فما بالك في المناطق الأخرى كطربزون وأزنجول وريزا وأيدر وسامسون وغيرها من مناطق البحر الأسود الجميلة و التي بزراعة البندق والشاي وغيرها من المنتجات التي تشتهر تركيا بإنتاجها، ولو أطلقت العنان لقلمي في وصف تركيا وطبيعتها وجمالها أعتقد أن مقالة واحدة لن تكون كافية ولكني أكتفي بهذا المقال ولنا لقاء آخر بعد عودتي من الملتقى إن شاء لله .