اتبعت الأجهزة الأمنية السورية ما يعرف في أساليب مكافحة حرب العصابات بـ(استفزاز العصابيين) وقد أنهكت هذه الاستراتيجية تنظيم الطليعة في حماة تماماً، وكشفت معظم قواعده، وباتت قاعدته القيادية المركزية مرشحة في كل لحظة للانكشاف والسقوط. من هنا أخذ عمر جواد (أبو بكر) القائد الميداني للتنظيم يخطط للمواجهة وإعلان النفير. وكان ذلك يعني أنه قد وقع تماماً في فخ خطة (استفزاز العصابيين) التي تستهدف أساساً إخراج (العصابي) من مكمنه، فالقاعدة هي أن العصابات المحاصرة تخسر دوماً معركة المواجهة والدفاع المتمركز في منطقة محدودة.
عرفت الأجهزة الأمنية السورية بقرار عمر جواد بالنفير، ففاجأته بسحب جميع الوحدات العسكرية يوم 31 كانون الثاني من المدينة إلى خارجها بشكل تام، فأخلت مدينة حماة لعمر جواد الذي لم يدرك أن هذا الانسحاب كان جزءاً مما يسمى في حرب العصابات بـ(شبكة العنكبوت).
ويتلخص هذا المفهوم بتشكيل أطواق متتالية، ثم الاصطدام عبر مفارز بقواعد العصابيين و(استفزازهم) للخروج من مكامنهم إلى حرب مكشوفة، يكونون فيها مطوقين تماما، ويبدو أن هذا ما حدث.
القيادة الميدانية تدعو أهل حماة للجهاد
داهمت الأجهزة الأمنية القاعدة القيادية المركزية وأرغمتها على المجابهة، مما أدى، وفق الرواية الأمنية السورية شبه الرسمية، إلى تسبيق عمر جواد لساعة الصفر بيومين.
أمام مهاجمة الأجهزة الأمنية لقاعدة القيادة دعا عمر جواد أهل حماة في ظهر يوم 2 شباط عام 1982م من خلال مكبرات الصوت في المساجد إلى الجهاد، وأوهم الناس بأن كافة المدن السورية سقطت بيد (المجاهدين) ما عدا حماة.
وهكذا وقعت المدينة في الفخ الذي نصبته أجهزة الأمن، فتقاطر الشباب على المراكز التي حددها عمر جواد لاستلام السلاح الذي وزعه بسخاء لكثرته. وتوهمت القيادة الميدانية أنها ربحت المعركة، وأن النصر بات قاب قوسين أو أدنى، بعد أن خلت لها مدينة حماة وسيطرت عليها بشكل تام من 2 شباط إلى 12 منه عام 1982م. وكانت المجابهة الدامية بين (كليشنكوف) عمر جواد و(دبابة وراجمة ومدفع وطائرات السلطة) ولتُذبح المدينة من الوريد إلى الوريد بحماقة القيادة الميدانية وغفلتها، وبعنجهية صقور السلطة بعيداً عن العقل والنظر إلى التداعيات والعواقب.
يتبع
أضف تعليق