دولة لديها براكين أكثر من لاعبي كرة القدم” بهذه الجملة سخر غاري لينيكر أسطورة الكرة الإنجليزية من هزيمة منتخب بلاده أمام منتخب أيسلندا في كأس الأمم الأوروبية الماضية “يورو 2016″، وذلك قبل عامين من دخول أيسلندا تاريخ بطولات كأس العالم بعد أن أصبحت أصغر دولة من حيث عدد السكان تشارك في المونديال.
الدولة التي يبلغ عدد سكانها 332 ألف نسمة نجحت في التأهل لمونديال روسيا وتحقيق المفاجأة أيضًا بالتعادل مع الأرجنتين بنتيجة 1-1 وفشل ميسي في التسجيل في شباكها في أولى مشاركاتها في المحفل العالمي.
عدد سكان دولة أيسلندا بأكملها يساوي عدد سكان مقاعد 3 ملاعب كرة قدم فقط، أي إنك بإمكانك ضم كل سكان الدولة في مقاعد ملاعب ويمبلي وكامب نو وسانتياغو بيرنابيو مثلًا.
بالرغم من قلة عدد السكان إلا أن 20% منهم طلبوا الحصول على تذاكر لتشجيع بلادهم في المونديال للمرة الأولى، حيث قالت سفيرة أيسلندا في موسكو أن واحدًا من كل 5 مواطنين كان يسعى للسفر لروسيا لرؤية بلاده في كأس العالم.
شغف سكان أيسلندا بكرة القدم ظهر أيضًا في يورو 2016 الذي شهد تواجد 10% من سكان الدولة في المدرجات لتشجيع منتخب بلادهم الذي حقق مفاجأة كبيرة بإقصاء منتخب الأسود الثلاثة من ثمن نهائي البطولة قبل الخروج من ربع النهائي على يد أصحاب الأرض المنتخب الفرنسي.
“إيدور غودينسون” ربما هو الاسم الأشهر أو الاسم البارز الوحيد في تاريخ كرة القدم الأيسلندية حيث ارتدى قمصان عدة أندية أوروبية كبيرة أبرزها تشيلسي وبرشلونة.
قلة عدد السكان ليست العائق الوحيد لإنجاب لاعبي كرة قدم، بل أن مناخ البلد لا يساعد أبدًا على ممارسة كرة القدم، حيث أن أعلى درجة حرارة تصل إليها البلاد في فصل الصيف 13 درجة مئوية، ويسود الطقس الشتوي جميع فصول السنة، مما يجبر من يرغب على لعب كرة القدم أن يتدرب في ملاعب مغلقة ومدفئة.
في فصل الشتاء أيضًا وبالتحديد في شهر ديسمبر تكون ساعات النهار 4 ساعات فقط، ويسود ظلام الليل على البلاد في 20 ساعة من اليوم، وبالطبع لا يُعد هذا الطقس الأمثل لممارسة كرة القدم.
بالرغم من كل هذه الظروف الطبيعية وعدد السكان إلا أن المنتخب الأيسلندي استطاع تحقيق معجزتين كرويتين في الألفية الجديد بتألقه في يورو 2016 وتأهله لمونديال 2018 والصمود أمام ميسي ورفاقه والتعادل معهم في أول مباراة، والطريف في ذلك أن صاحب هذا الإنجاز هو طبيب أسنان!
المدرب هايمير هالجيرسون اعترف بأنه مازال يمارس مهنته كطبيب أسنان مرتين أو ثلاثة في الشهر حتى يحافظ على إلمامه بها، مؤكدًا أن عمله كطبيب أسنان أفاده كثيرًا في مسيرته التدريبية في عالم كرة القدم حتى الأن، لأنه تعلم الكثير عن الجسد البشري ويستطيع تقييم الحالة البدنية للاعبيه والتعرف على إصابتهم أيضًا.
طريق هالجيرسون للمجد لم يكن مفروشًا بالورود، فلقد نجا من الموت وهو في الخامسة من عمره عندما فر من انفجار بركان في بلدته بجزيرة هيماي الصغيرة بالساحل الجنوبي لأيسلندا، الجزيرة التي تضم بركانين أحدهما ثار قبل 45 عامًا.
الأمر الذي يتذكره هالجيرسون الذي نجا مع سكان الجزيرة بالهرب من الحمم البركانية بقوارب الصيد والبقاء بعيدًا عن الجزيرة لشهور حتى انتهاء الكارثة”.
شيء آخر قد لا تعرفه عن منتخب أيسلندا وهي أن حارس مرماه هانيس هالدورسون، وهي أنه كان يعمل مخرجًا للأفلام، المهنة التي سيعود للعمل لها مجددًا بعد اعتزاله كرة القدم.
أيسلندا التي تعد أصغر بلدان منطقة حلف شمال الأطلسي “الناتو” من حيث عدد السكان هي الوحيدة دون جيش حاضر، ولكن من يحتاج إلى جيش عندما يمتلك فريق كرة قادم قادر على ترويض الأسود الثلاثة والصمود أمام ميسي ورفاقه؟
أضف تعليق