حـالـة نـبـيـل الـقـروي يـعـبـر عـنـهـا المـأزق و الـتـدهـور الاقـتـصـادي في تـونـس ، أمـا قـيـس سـعـيـد فـهـو نـتـاج لـفـقـدان الـثـقـة بـالأحـزاب الـسـيـاسـيـة لا سـيـمـا الـقـويـة مـنـهـا ، و الـصـراعـات الـقـائـمـة عـلـى مصالح ضيقة . كما أن صعود المستقل قيس سعيد قد تكون صدمة لكنها ليست ظاهرة .
حـالـة نـبـيـل الـقـروي لا تـشـابـه حـالـة مـانديـلا, الاول رجـل اعـمـال ومـصـالحـه هـي بـوصـلـتـه ، امـا الآخـر صـنـع تـاريـخ نـتـج عـنـه تحـولات عـديـدة تـعـدت جـنـوب افـريـقـيـا . و لا اعـتـقـد ان الـنـاخـب الـتـونـسـي اخـتـاره لانـه مـسـجـون.
الـقـروي فـهـم الحـالـة الاقـتـصـاديـة الـتـونـسـيـة واسـتـطـاع اسـتـثـمـار قــوتــه الاقــتــصــاديــة والإعــلامــيــة ، و قــيــس ســعــيــد قــد يــفــســر ضــعــف نــظــريــة الحــزب في المــرحــلــةالراهنة .
الجـمـعـيـات و الاعـمـال الخـيـريـة لـعـبـت دوراً مـؤثـراً في الانـتـخـابـات الـرئـاسـيـة الـتـونـسـيـة . وهو مـدخـل اسـتـخـدمـه نـبـيـل الـقـروي عـبـر قـنـاتـه الاعـلامـيـة ( نسمة ) لا سـيـمـا بـرنـامـج ( خـلـيـل تـونـس) . يـقـول الـقـروي ” خليل تونس قربني من الناس ومن فهم المشاكل الاجتماعية الكبرى في البلاد ” .
في مـحـطـة ٢٠١١ كـان الـشـعـب الـتـونـسـي مـتـعـاطـف مـع ( المناضل ) أمـا في مـحـطـة ٢٠١٤ تـغـيـرت الاهـتـمـامـات وصـار الحـفـاظ عـلـى الانـتـقـال الـديمـقـراطـي مـطـلـب مـهـم لـدى الـتـوانـسـة و كـان الـتـوافـق احـد أسـالـيـبـه. أما المرحلة الـراهـنـة تـتـطـلـب عـقـلـيـة تـفـهـم الاقـتـصـاد و قـادرة عـلـى نـقـل الـثـورة الـى المؤسسات و ليس الثورة بمفهومها التقليدي.
أمـا فـيـمـا يـتـعـلـق بـحـزب الـنـداء , فـتـكـويـنـه كـان بمـثـابـة ردة فـعـل ضـد صـعـود حـركـة الـنـهـضـة في ٢٠١١ . و حـركـة الـنـهـضـة لـديـهـا قـصـور في فـهـم الاقـتـصـاد, ومـازالـت . الـنـداء و الـنـهـضـة كـانـتـا اهم قوتين سياسيتين في تونس , ولكن بعد رسائل انتخابات ٢٠١٩ قد تتغير الامور .
يصف التوانسة نتائج الانتخابات الرئاسية ب Anti-system .قد يكون هذا الوصف نسبياً صحيح امام نتائج الدور الأول من الانتخابات ولكن هناك انتخابات لا تقل أهمية عن الانتخابات الرئاسية و هي التشريعية ،فالنظام السياسي التونسي مختلط ،وازن بين نفوذ رئيس الجمهورية و البرلمان ، و رئيس الحكومة ، وإن كان نفوذ الأخير اثقل . قد لا تتحقق استراتجية Anti-system بشكل كامل في ٦ اكتوبر القادم وهو موعد الانتخابات التشريعية .
وتأكيدا لما سبق ، ذكر الأكاديمي المغربي حسن طارق في كتابه ( الربيع العربي و الدستورانية ) “دستور تونس يذهب الى حد التأسيس لنظام مختلط (رئاسي-برلماني)،يحتفظ بمعالمه الرئاسية من حيث الصلاحيات التنفيذية للرئيس،ويتضمن معالم برلمانية واضحة ، من حيث تدبير العلاقة بين الحكومة و البرلمان؛من خلال حكومة منبثقة من أغلبية نواب الشعب.ويمتلك رئيسها صلاحية ضبط السياسة العامة للبلاد في كل المجالات باستثناء مجالات الدفاع و الخارجية و الأمن فهي من اختصاص رئيس الجمهورية وهو المسئول عن ضبطها بعد استشارة رئيس الحكومة” .
واعتقد أن استراتجية Anti – system ، ستتضح دقتها اكثر بعد نتائج الانتخابات التشريعية . الخطاب الانتخابي شيء و خطاب قصر قرطاج و باردو و القصبة شي آخر .
مبارك الجِرِي.
باحث في العلوم السياسية
أضف تعليق