فيما تحدثت مصادر عن مساع يبذلها الرئيس الإيراني حسن روحاني (الذي وصل إلى طوكيو اليوم) ووزير خارجيته محمد جواد ظريف (الذي التقى بالسفير الكوري الجنوبي في طهران)، للضغط على اليابان وكوريا الجنوبية لرفع الحظر عن الأموال الإيرانية التي تقدر ب26 مليار دولار جراء مبيعات نفطية (20 مليار دولار في اليابان و6 مليارات دولار في كوريا الجنوبية)، أشار محللون إلى أن اقتراحات طهران الهادفة إلى تبادل السجناء مع أمريكا تصب في تجاه تليين الموقف الأمريكي من العقوبات، وضمن ذلك رفع الحظر عن أموالها في بنوك طوكيو وسيئول.
فالمسؤولون الإيرانيون قرروا تبنى خطابين في آن لمواجهة مخاطر العقوبات الأمريكية الخانقة. الأول، التفاهم مع بعض حلفاء الولايات المتحدة لإطلاق المليارات الممنوعة من التحويل إلى إيران دون موافقة الولايات المتحدة. الثاني، التهديد العسكري بضرب المصالح الأمريكية.
وفي الوقت الذي حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إيران من ردّ “حاسم” إذا تعرضت مصالح بلاده لمزيد من الأذى في العراق بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية استهدفت قواعد عسكرية تؤوي جنودا أمريكيين أو بعثات دبلوماسية أمريكية في العراق، بما في ذلك سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء في بغداد. تحدثت أنباء صحفية نقلا عن مصدر في “فيلق القدس”، الذراع الخارجية لـ”الحرس الثوري” الإيراني، أن إيران تُعد “مفاجأة كبيرة” لإسرائيل، وأنها استطاعت إيصال أنظمة دفاع جوي محلية الصنع إلى حلفائها في سورية ولبنان.
وإذا ما صدقت هذه الأنباء، فإنها قد تشير إلى استعداد طهران لتغيير المعادلة العسكرية والأمنية في المنطقة، بناء علي قلقها من الآثار الموجعة للعقوبات، التي لم تؤثر فحسب على الوضع الداخلى الإيراني وإنما أثرت أيضا على مجمل سياسات طهران الإقليمية.
وكما تشير الدلائل، فإن الاحتجاجات في العراق ولبنان ضد الفساد السياسي والاقتصادي والتي، حسب العديد من المحللين، لها علاقة بنفوذ إيران في الدولتين، توضح عمق أزمة العقوبات، حيث فشلت طهران وميليشياتها الحليفة في وضع حلول للخروج من المأزق في هاتين الدولتين.
لذا السؤال الذي يطرح نفسه: هل إيران مستعدة، وعلى قدرة سياسية وعسكرية، لزعزعة المنطقة وتحمّل نتائج ذلك، إذا ما فشلت جهودها الدبلوماسية في رفع الحظر عن أموالها في اليابان وفي كوريا الجنوبية في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعاني منها؟
لا يبدو أن ذلك سيحدث، ولا توجد مؤشرات في الأفق تدل على ذلك، خاصة وأن طهران لا تزال منشغلة بأوضاعها الداخلية، كما أن القوات الأمريكية لم ترد على الهجمات الصاروخية ضد قواتها في العراق، فيما هاجمت طهران التصريحات الأمريكية التي اتهمتها بالوقوف خلف تلك الهجمات.
وقد علّق موقع “مشرق نيوز”، وهو موقع تابع للتيار المحافظ في ايران، على زيارة روحاني لليابان على النحو الآتي: “نظراً إلى الأصوات التي تُسمع من اليابان، يبدو أن الحكومة (الإيرانية)، ومن بوابة اليابان، تريد أن تجرّب مجدداً الطريقة التي أثبتت فشلها في الإتفاق النووي، وهي بذلك تختبر في الحقيقة استراتيجية محروقة”. في إشارة إلى أن زيارة روحاني لن تنجح في رفع الحظر عن الأموال الإيرانية.
لذا السؤال الآخر الذي يمكن أن يطرح هنا: هل يريد روحاني أن يثبت لمرشد الثورة وللجناح المحافظ، من خلال زيارته لطوكيو، بأنه لا مجال لنجاح أي تحرك سياسي ضد العقوبات خارج إطار الجلوس على طاولة واحدة مع الجانب الأمريكي، خاصة وأن التهديد الإيراني بالتصعيد العسكري لن يمكّن الإيرانيين من تغيير المعادلة؟
يُذكر أن أن زيارة روحاني إلى اليابان هي بطلب من طهران، فاليابان لم توجه دعوة رسمية للرئيس الإيراني، وهي فوجئت بطلب الزيارة وطلبت الإذن من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل الموافقة على حصولها، وحصلت على الضوء الأخضر الأمريكي.
فاخر السلطان
أضف تعليق