حين يجتر الاعلام الرسمي عبارات ضحلة مثل الكويت بلد الإنسانية، عندها نعلم يقينا بحجم الرياء والخواء في هذا الخطاب السمج، بلد الإنسانية يعني احترام حقوق الانسان، وأهمها حقه المقدس في حرية التعبير، كأعظم انعكاس لحريات الضمير. حق الانسان في الكلام ، في الكتابة ، في النقد ، لا يجب أن يكون محل خلاف في الدولة التي تحترم افرادها ،والقوانين التي تنتهك هذا الحق ، يجب أن يكون مكانها براميل القمامة وليس قاعات المحاكم حتى يحاكم الاحرار على كلامهم وتفكيرهم.
صدر أمر بضبط وإحضار الدكتور عبدالله النفيسي، فهو متهم بالإساءة لدولة الامارات العربية بتغريدة نشرها قبل ثلاثة أعوام، ومثل هذه التغريدة حسب تصور سلطة الاتهام وحسب قانون “قراقوش” انه قام بعمل عدائي ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت ومصالحها للخطر.. حتى ولو كانت الكلمات بالتغريدة من غير أعمال العنف، حسب تفسير محكمة جزائية ، للمادة 4/ 1 من القانون رقم 31 لسنة 1970 ! قانون سواد وجه قديم، وجاءت قوانين الجرائم الالكترونية في السنوات الأخيرة من الحكومة وسلطة البصم التشريعية لتنفخ على جمر نار ذلك القانون.
مطلوب فزعة ضد تلك القوانين وتفسيراتها ، فزعة يحركها ليس فقط جماعات حقوق الانسان والجماعات الاكاديمية التي حصرت نفسها في تنظيرات متعالية متباعدة عن واقع كئيب، المطلوب فزعة من كل مواطن يكترث لحقوق الاخرين في التعبير والتنفيس عن أوضاع البؤس في بلدان القمع.
“نفضوا ايدكم” من هذا المجلس، ومن هذه الصحافة، فالاثنان يقتديان بصمت أبي الهول، فلا جدوى منهما، وشكرا لكل المغردين الاحرار الذي عبروا عن سخطهم لقوانين المسخ الظالمة، لكن هذا لا يكفي . الفزعة المطلوبة هو أان يحدث تحرك جدي سواء بالتجمع في ساحة الإرادة او اتخاذ موقف عصيان مدني رمزي، مثل التوقف عن كل أنواع الكتابة ليوم أو يومين حتى يصل صوت الرفض للمتفردين في السلطة.
ليست هي مسألة الحر د. عبدالله النفيسي ، هي قضية العشرات من الافراد القابعين في السجن أو شردوا من وطنهم، هربوا من ملاحقات تطبيق قوانين ظالمة قمعية تكبس على أنفاس خلق الله ، هي ، بالتأكيد قوانين ليست دستورية، لكن من يعبأ حقيقة اليوم بهذا الدستور ، فهناك دائما التفسير المناسب لإرادة السلطة الواحدة، حين تستبد وتشرع وتطبق وحدها دون شريك ، مطلوب فزعة للحرية ، فمن يتحرك!
أضف تعليق