عندما لا يسهم التحصيل العلمي في تهذيب السلوك هنا قد تواجه المهن الكثير من المتاعب ، علم المكتبات له أخلاقيات وله دستور ينظم العلاقة بين مجتمع المهنة ويضمن تحصينها ، إن أي اتحاد مكتبات او جمعية للمكتبات ترتكب سلوكا يشجع نحو ثقافة الاختلاف، علينا فورا وضعها تحت المجهر والمراقبة، فإن تبين مصدر هذا السلوك الغير اخلاقي، وجب علينا هنا استئصال هذا الورم السرطاني من جسد مجتمع المهنة، عبر استهجان هذا الأمر والتنديد به.
الجمعيات والاتحادات الخاصة بالمكتبات هي مجتمعات عمل تتسع للجميع، وتحتضن الجميع دون تمييز وإقصاء، فالأصل بالعمل النقابي هو تضافر الجهود ، والتكامل المهني وتناغم الأداء، والعمل بروح الفريق واحتواء الجميع والدفاع عن المهنة ،وضمان استقرار أجواء التعاون في مجتمعها،كذلك السعي نحو تطبيق أخلاقيات المهنة ومبادئ قيمها في التعاملات المهنية ،وتعزيز وتطوير ادائها وتنمية مهارات المختصين ورفع المستوى الوظيفي لهم ، من خلال تبادل وتشارك المعرفة معهم، فالاتحادات والجمعيات هي ليست ورث أو ملكية شخصية لجماعة أو أفراد ، والقانون الذي سمح بوجود هذه الاتحادات أو الجمعيات لم ينص على ذلك، و لا يمكن أن يسمح بإنحراف هذه الاتحادات أو الجمعيات عن هدف وجودها وقانون تأسيسها ، فالجمعيات والاتحادات المهنية للمكتبات هي ليست غرفة عمليات حرب ترسم بها قواعد الاشتباك مع مجتمع المهنة، التي قد يكون لدى بعض المختصين في مجتمعها وجهات نظر قد تختلف مع وجهات نظر إدارة تلك الاتحادات والجمعيات المهنية، حرية الرأي والتعبير مكفولة، وحرية البحث العلمي كذلك، فلا يمكن لهذه الاتحادات أو الجمعيات أن تصادرها من أحد .
لو فكرنا في أسباب وجود هذه الخلافات المهنية،هل كانت بسبب التنافس لصناعة نظام ألي للمكتبات أو روبوت يعمل وفق تقنية الذكاء الاصطناعي، أو اكتشاف اختراعات تسهم في إثراء المعرفة المهنية ، لا بل هي أمور شخصية، كان الأجدر الترفع عنها، ماذا لو استخدمنا هذا الجهد المهدور على هذه الصراعات المهنية، في عامل تطوير المجال العلمي والابتكار بالمهنة، ماذا سوف تكون النتيجة ؟.
هناك دور كبير على مجتمع مهنة المكتبات في وقف هذه السلوكيات وصيانة بيئة عمل المهنة ، الأمر يتطلب أن يتحد الجميع على رفض أي خرق للقوانين المتعلقة في أخلاقيات العمل المهني للمكتبات، وعدم التعامل مع أي شخص يصدر منه هذا النوع من السلوك، ولا يجب أن نصمت حتى لا يفسر هذا الصمت مباركة وتشجيع لهذا السلوك ، كذلك رؤساء الأقسام العلمية للمكتبات وأيضا أعلام علم المكتبات، وعمالقة التخصص يجب أن لا يتم تجاوزهم عند إقامة الفعاليات، فهم أعلام هذا العلم حتى لو كان هناك اختلاف في وجهات النظر معهم ، هذا الأمر لا يكون على حساب استبعادهم عن هذه الفعاليات ، بل الواجب من الجميع توقير وتكريم هذه القامات التي لها منا كل الاحترام والتقدير والمحبة، فهم علماء هذا العلم وأساتذتنا ومنارة تخصصاتنا العلمية.
رسالتنا لمن يمارس هذه السلوكيات التي تهتم في ثقافة الحروب المهنية والإقصاء والمحاربة الشخصية، سواء كان ذلك من خلال مضايقة أفراد المهنة أو إفشال جهود الزملاء في مسيرتهم المهنية ، هل أخلاق ديننا وتربيتنا وقيم مجتمعنا تشجع على إيذاء الأخرين أو الانشغال بهم ؟، أين نحن من الحديث الشريف الذي يقول” المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده” ، لماذا لا نشاهد أخلاقيات الفرسان، وثقافة الاعتذار والتسامح والتعاون، كيف تريدون أن يكتبكم تاريخكم المهني ؟ ، كيف سوف تتحملون أن يشكوكم أحدا عند الله؟ ، كيف سوف يذكركم العلم والمهنة عندما تغادرون الحياة ؟ ، نسأل الله الهدايا للجميع، وأن يكتب للجميع الخير والبركات ،ونأمل للجميع التوفيق والسداد ، يقول المولى في محكم كتابه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .
فواز الحسيني
نعم وبكل تأكيد وتأييدا. فمهنة علم المكتبات والعاملون بها هي مهنة تكاملية تكافلية يجري العمل بها بروح الفريق. أشكر لك نظرتك الشمولية الثاقب. وهذه الاريحية في النصح والتعاطي مع الموقف الفاعل تنم عن نفس مخلق كريم مثقف بعيد النظر والرؤية. كل الإحترام والتقدير لشخصك الكريم.