القيم والأخلاق هي القاعدة الفولاذية لنهضة الشعوب والأمم، ومخدوعٌ كل من ظن أن نهضة الغرب مادية خالصة؛ لأن النهضة المادية للشعوب لا تكون إلا انعكاساً لقيم أخلاقية غرست في المجتمع وآتت أكلها بعد حين، كقيم الأمانة والعدل والتفاني في العمل ومحاسبة النفس وتكافؤ الفرص، فأصبحت محاربة الفساد غاية مجتمعية، لذلك تم سد منافذ وصول أهله إلى الاستحواذ على القرار السياسي، وبالتالي الفشل في الوصول إلى المال العام ومقدرات الأمة.
وغير خفي على أحد أن مجتمعنا يعيش أزمة قيمية، وما انتشار الفساد بهذه الطريقة إلا انعكاس واضح لغياب القيم والأخلاق، فما فسد فاسد وزاد نفوذه وغسيله! إلا في ظل غياب قيم الأمانة والصدق والمحاسبية… الى غير ذلك من قيم أخلاقية، وما وصل الفاسد إلى أعلى المناصب إلا بغياب مبدأ تطبيق القانون، وهذا سر فتح الأبواب الخلفية للوصول إلى المناصب البراشوتية. والغريب أن الكل يرفع شعارات تعبر بشكل أساسي عن القيم الأخلاقية، ولكن سرعان ما تتكسر هذه الشعارات على صخرة المصالح الشخصية، وهنا يبرز دور القانون وحدة سيفه في محاسبة من سولت له نفسه التجاوز والفساد مظنة أنه فوق الحساب. وهنا يحضرني دخول سيدنا أسامة بن زيد، رضي الله عنه، على النبي، صلى الله عليه وسلم، يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت، فاستشعر محمد النبي المصلح القائد المشرع خطورة الأمر، فغضب وقام حازماً حامياً للأمة، وقال:”والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”، وهنا تجلت أعلى قمم الأمانة وأكثرها فتكاً بالفساد؛ وهي أن يطبق القانون على الجميع دون أي استثناءات، فأول الداءات استثناء فردٍ واحد من تطبيق القانون، فلو رسخ لدى الجميع أن القانون ماضٍ سيفه على الكبير قبل الصغير، لارتدع الناس وماتت بذور الفساد في مجتمعنا الكويتي، وأصبحت المسافة بين المجتمع والنهضة مجرد بضعة أعوام، فالأخلاق والقيم كفيلة وحدها بإصلاح ما أفسد الناس، وإن بحثنا عن علاج لمشاكلنا بعيداً عن غرس القيم والأخلاق، فنحن بهذه الحالة كالطبيب الذي يعالج الأعراض دون أن يكشف سبب الداء، فإن أقررنا بأن الداء قيمي أخلاقي فإن الدواء يكمن في تفعيل دور كلا من ؛ المؤسسات التعليمية والإعلام والأسرة… الى غير ذلك من وسائل تنشئة اجتماعية.
ختاماً:
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم هادي البشرية عندما لخص دعوته قائلاً: “إنما بُعِثت لأتمم مكارم الاخلاق”، وعلى ذلك ربى أصحابه تربية إسلامية صحيحة، فكون مجتمعاً يراقب فيه الفرد ذاته، فما أحوجنا إلى ذلك، فيسلم المجتمع من الآفات، ويكفي أن نعلم أن القوانين العقابية لم تنزل في التشريع الرباني إلا بعد مسيرة طويلة للتربية القيمية الأخلاقية، فالقيم هي بناء حصين يتحطم على سوره أي غزو فكري سواء داخلي أو خارجي. ما من شأنه التخلص من أزمتنا الأخلاقية، وبالتالي تتم نهضة مجتمع كويتي قادر على مواكبة تقدم البشرية.
اللهم قدر للكويت رجال دولة أقوياء ، شرفاء ، أمناء
ودمتم بخير.
د.حمود حطاب العنزي
اللهم امين يارب العالمين . مقال مهم جدا وفي غاية الروعه والوعي السياسي والاجتماعي فعلا كلامك مظبوط اخي الدكتور / حمود بالاخلاق ترتفع وتنهض الامم وبالتأكيد ستتخطاها بسواعد أبنائها المخلصين مثلك اخي الحبيب الغالي الله يحفظك ويحفظ كل شعوب الارض يارب العالمين ????????????????????????????????????????????????????????????????????????