كتاب سبر

في مسألة دور الانعقاد ومدة الفصل التشريعي لمجلس الأمة

مسألة دور الانعقاد ومدة الفصل التشريعي من المسائل التي نظمها المشرع الدستوري وإن كان التنظيم ليس بشكل معمق ومفصل تاركا الأمر للفهم الدستوري وللمللائمة السياسية بين المجلس والحكومة.

بادئ ذي بدء مدة مجلس الأمة هي أربع سنوات ميلادية تبدأ من أول اجتماع وهذا ما نصت عليه المادة 83 من الدستور حيث نصت “مدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له ، ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة مع مراعاة حكم المادة 107 .” وعليه كان أول اجتماع لمجلس الأمة في تاريخ 11-12-2016 وعليه يكمل مدته في تاريخ 11-12-2020 كما تنص المادة أن الانتخابات تجرى خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة، أي أن الانتخابات من الناحية النظرية من الممكن أن تجرى منذ تاريخ 11-10-2020 لغاية 10-12-2020 ولكن يحد هذه المدة حدان:

الأول: أن المادة 18 من قانون الانتخاب اشترطت أن تحدد الانتخابات العامة بمرسوم وأن ينشر المرسوم قبل الانتخابات بشهر على الأقل وفي ذلك تنص المادة على أنه “يحدد ميعاد الانتخابات العامة بمرسوم، ويحدد ميعاد الانتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية. ويجب أن ينشر المرسوم أو القرار قبل التاريخ المحدد للانتخابات بشهر على الأقل.” ولكن هذا الحد لا يشكل عائق فمن الممكن أن ينشر مرسوم دعوة الناخبين على سبيل المثال في تاريخ 1-9-2020 وتحدد أن الانتخابات ستكون مثلا بتاريخ 1-11-2020 حيث لا يمنع أن تكون المدة بين مرسوم الدعوة والانتخابات نفسها مدة شهرين أو أكثر حيث أن النص حدد الحد الأدنى وليس الأقصى لنشر المرسوم.

الحد الثاني: وضعته المحكمة الدستورية في الطلب التفسيري الصادر منها برفم 10 لسنة 2002 الصادر في جلسة 2/ 2/ 2003حيث تقول المحكمة الدستورية في ذلك “…ولا وجه لمظنة أن عبارة (ويجرى التجديد خلال الستين يومًا السابقة على انتهاء مدته (أي المجلس)) يتسع مفهومها ليشمل جواز إجراء انتخاب مجلس جديد في أول هذا الميعاد أو في منتصفه، وانطوائها على استثناء من الأصل المقرر لمدة المجلس لتكون ثلاث سنوات وعشرة أشهر، لا وجه لذلك إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه، فالمشرع بعد أن حدد بنص صريح مدة المجلس بأربع سنوات أعقب ذلك النص بأن يجرى التجديد خلال الستين يومًا السابقة على انتهاء مدته بما مفاده ألا يكون من شأن إجراء التجديد الانتقاص من المدة المحددة للمجلس وأنه لو قصد المشرع أن تكون مدة المجلس ثلاث سنوات وعشرة أشهر ما أعوزه النص على ذلك صراحةً وعلى أن يتم إجراء التجديد خلال الشهرين التاليين لانتهاء تلك المدة، والحاصل أن صحيح الفهم لعبارة (ويجرى التجديد) إنما تنصرف إلى وجوب اتباع الإجراءات المهيئة للانتخاب بما يستتبعه ذلك من صدور مرسوم دعوة الناخبين للانتخاب، ونشر هذا المرسوم قبل شهر من إجرائه،وفتح باب الترشيح لمدة عشرة أيام التالية للنشر، وغير ذلك من الإجراءات، بحيث يجرى الانتخاب في الفترة الأخيرة من الستين يومًا بما لا ينتقص من المدة المقررة للمجلس أو يخل بالميعاد المحدد للاجتماع الأول للمجلس الجديد المنصوص عليه في المادة 87/ 1 من الدستور…”.

فالمحكمة وضعت قيد من عندها بأن مرسوم الدعوة للانتخابات يصدر خلال الشهرين ولوجود مدة شهر بين نشر المرسوم وبين اجراء الانتخابات فعليه يجب أن تكون الانتخابات في الفترة الأخيرة من الستين يوما كما قررت المحكمة.

ومع تطبيق هذين الحدين يتبين أن مرسوم دعوة الناخبين يجب أن ينشر من تاريخ 10-10-2020 وعليه الا يتجاوز تاريخ 9-11-2020

وتجرى الانتخابات في الفترة الأخيرة من الستين يوم دون أن تحدد المحكمة مفهوم الفترة الأخيرة حيث من الممكن أن يفهم أن تكون في أخر أسبوعين على الأكثر من المدة أو أسبوع أو أقل من ذلك وصولا إلى يوم 10-12-2020.

أما بالنسبة لأداور الإنعقاد فإنه لا يوجد عدد معين لأدوار الانعقاد وقد نصت المادة 85 من الدستور على أنه “لمجلس الأمة دور انعقاد سنوي لا يقل عن ثمانية أشهر، ولا يجوز فض هذا الدور قبل اعتماد الميزانية.” وعليه دور الانعقاد كحد أدنى تكون مدته 8 أشهر ولكن لا يمنع ذلك من أن يزيد عن ذلك مع إتمام الشرط الأخر وهو اعتماد الميزانية.

فلكل دور انعقاد طبيعته الخاصة من حيث أن سمو الأمير يفتتح دور الانعقاد وفق ما نصت عليه المادة 104 من الدستور “يفتتح الأمير دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة ويلقى فيه خطابا أميريا يتضمن بيان أحوال البلاد وأهم الشئون العامة التي جرت خلال العام المنقضى وما تعتزم الحكومة اجراءه من مشروعات واصلاحات خلال العام الجديد …”.

وتنعقد أدوار الانعقاد خلال شهر أكتوبر من كل عام باستثناء دور الانعقاد الأول لارتباطه بموعد الانتخابات البرلمانية وفي ذلك تنص المادة 87 من الدستور “استثناء من أحكام المادتين السابقتين يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات ، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين مع مراعاة حكم المادة السابقة .وإذا كان تاريخ انعقاد المجلس في هذا الدور متأخرا عن الميعاد السنوي المنصوص عليه في المادة 86 من الدستور خفضت مدة الانعقاد المنصوص عليها في المادة 85 بمقدار الفارق بين الميعادين المذكورين.”

والمادة 85 المشار اليها في المادة السابقة تنص على “لمجلس الأمة دور انعقاد سنوي لا يقل عن ثمانية أشهر، ولا يجوز فض هذا الدور قبل اعتماد الميزانية.”

وعليه فإن تخفيض مدة دور الانعقاد لا تجوز إلا لدور الانعقاد الأول إذا كان متأخر عن الميعاد السنوي وتخفض المدة بمقدار الفارق بين الميعادين أي أن الفكرة هو ألا يدخل دور الانعقاد الأول بالمدة المقررة لدور الانعقاد الثاني بمعنى لو تم حل مجلس وأجريت الانتخابات وكان أول اجتماع للمجلس في شهر 5 فإن الدور الأول لو استمر 8 أشهر لتم فض دور الانعقاد في شهر 1 ولتداخل دور الانعقاد الأول في مدة الثاني وبناء عليه يخفض الأول الذي بدأ في شهر 5 حتى قبل شهر أكتوبر ليبدأ دور الانعقاد الثاني بشكل طبيعي وبعد انقضاء الدور الرابع يكون من الجائز أن يتم وضع دور تكميلي بمقدار الفارق الذي لم يحتسب من الدور الأول.

ولكن ما حصل في مجلس 2016 أنه انعقد أول مرة في 11-12-2016 فكان يملك هذا المجلس أن يستمر لمدة 8 أشهر دون أن يتداخل مع مدة دور الانعقاد الثاني ولكن المستغرب أنه تم فض دور الانعقاد الأول في شهر 6 لسنة 2017 على الرغم من أنه كان يستطيع الاستمرار لمدة الحد الأدنى وهي 8 أشهر والتي كانت تنقضي بمضي يوم 11-8-2017 دون أن يتداخل مع دور الانعقاد الثاني الذي بدأ في أكتوبر.

وهذا لا يغير من فكرة وجود دور تكميلي في الحالتين لكن ما حصل في الدور الأول يعتبر مخالفة.

وبالنسبة لما حصل في الدور الحالي من كتاب من رئيس الوزراء بسحب مرسوم فض دور الانعقاد إذا كان الكتاب مقترن بمرسوم صادر وموقع عليه من سمو الأمير ومن رئيس الوزراء يعتبر السحب صحيح أما اذا تم سحب مرسوم فض دور الانعقاد فقط بكتاب من قبل رئيس الوزراء فإن الكتاب يعتبر أداة غير صحيحة دستوريا فمن يعلن فض دور الانعقاد هو الأمير بمرسوم أميري يصدر بذلك.

ولا يمنع أن يتم الدعوة لدور انعقاد غير عادي يطرح فيه موضوع معين وذلك بمرسوم أميري لحين قدوم الدور التالي.

د.فواز الجدعي

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.