في المفهوم السياسي فإن دور المعارضة في أنظمة الحكم الشعبي تمثل دور “الضمير” للسلطة الحاكمة والذي يصبح غائبا أمام الانغماس في تفاصيل الإدارة التنفيذية وصراع التميز والتغطية على المثالب واستبدال الاعتذار عن التقصير بالتبجح باتهام المنتقدين بالشخصانية والأجندات المرتزِقة والخارجية وما إلى ذلك، المعلومة هنا أن المعارضة مفيدة جدا للسلطة لتقدم وتطور الدولة، ولكن أي معارضة؟
أما العداء الذي يُنتهج ضد المعارضة فيعتبر عند منظري الفلسفة السياسي مؤشر جهل وخلل بمفهوم القيادة وانتهاك لميثاق المواطنة، فهذا العداء يهدم أساسيات تشكيل شخصية المواطن الواعية لماهية إدارة الدولة ويمنع تفقهه في الحقوق والواجبات ليسهّل على السلطات الإدارية للدولة العمل، المواطن المتخلف عبء على الإدارة وإن ظن البعض أن تغييبه يسهل تسييره فهذا رهان فاسد ومقامرة في استقرار وأمن الوطن على المدى البعيد.
لأن تدرج النمو للفكر السياسي عبر مواد المناهج التعليمية منذ المراحل الأولى، يقدم أكبر خدمة للأحزاب الحاكمة أو قيادة البلديات ومؤسسات إدارة الدولة لتعمل في بيئة متفهمة غير عدائية، بينما عدم وجود معلومات وأكررها بين مزدوجين ” عدم وجود معلومات ” حقيقية ومن جهات مسؤولة تعرض الشعب لإحباط وتخبط وتنشأ نتاج له أسوأ معارضة ” المعارضة الشعبية” غير المنتظمة أو المنظمة، تفتقد للقيادة ودورها في التوجيه السليم، مع وجود أتباع من العامة غاضبون يقودهم فرط المشاعر تجاه أشخاص تعرضوا للنبذ والظلم ومصالح غير محصلة، وهنا تقع إدارة الدولة في مأزق وهي المذنبة لأن العامة لا تحاسب ما دامت لم تحصل على أدوات المواطنة الإيجابية.
هل نتذكر ” كرامة وطن”؟ أظنه مثلا واضحا صارخا للمعارضة الشعبية.
الجماعات إن لم تجد قيادة تحتويها فستتبع أي قائد يقدم عرضا مناسبا، هذه منهجية التفكير للعامة، ومن الذكاء أن تحتوي الحكومات للجماعات البشرية، وأتحدث عن مجتمعاتنا الخليجية بالذات، فبوجود أنظمة حكم وراثية لا يوجد مشاركة شعبية لاختيار الحاكم فتتحول الطاقة لاختيار الحكومة، ولأن الحكومات أيضا في دولنا ليست من اختيار الشعب فيتم التركيز على البرلمانات، الشعب يصب غضبه وعجزه وفقدانه للعقلانية على المؤسسة البرلمانية، الذراع الوحيد للسلطة التي من حقه تناولها وانتقادها من دون أن تتعرض حياته للتهديد ومصالحه للوعيد.
ولما سبق تعتبر المعارضة الشعبية خطرا على الدولة، بينما المنظمة تحت لواء حزب أو تجمع له هيكلة تنظم تسلسل القيادة هي الأفضل، والدولة بمؤسساتها تتحمل المسؤولية كاملة ومنفردة لأنها تمتلك كل المعلومات تحجب وتنشرو وتمسك بزمام القرار تعسفا أم عدلا، وبين أصابعها صنبور تدفق أو حبس المصالح.
خلود عبدالله الخميس
(مجازة في الإعلام السياسي)
أضف تعليق