كتاب سبر

ثقافة الاختلاف

ظاهرة جديدة في العقد الأخير أصبحت متداولة في مجتمعنا وهي عندما تختلف بالرأي أو فكرة أو موضوع يحاول ” الجهلاء ” تحويل الإختلاف الى خلاف! ويتجه بالهجوم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي بشكل شخصي والتشهير من والى ” جهة العمل ” حتى تصل الى الضرب باالأعراض وأسر المختلفين معهم في “الرأي” !!!

تتميز الدول المتقدمة عن سواها بصفات كثيرة، بمجتماعاتها ومكوناتها. مقابل ذلك، يلاحظ انتشار مفهوم الإقصاء وميل الأفراد نحو رفض الرأي الآخر في المجتمعات المتخلفة ، وبين من يرى في الاختلاف شيء جميل وضروري لا يمكن سوى أن يساعد على التلاحم ، وبين من يعتقد أن الحقيقة وحيدة ومطلقة وهي غالبا ما تكون بجانبه، تتعدد مفاهيم الناس بخصوص مفهوم الاختلاف، لذلك أحببت أن أقف عنده من حيث هو قيمة ومبدأ، وعند نفور بعض الناس من الاختلاف وعدم قبولهم له سواء موضوع الاختلاف عبارة عن فكرة أو ثقافة أو معتقدا أو مبدأ..
حينما يعجز الفرد عن إدارة الاختلاف مع آخر من نفس المجتمع الذي ينتمي إليه، فحينئذ يتوجب قرع جرس الإنذار إيذانا بمشكلة في قيم المجتمع المعني، لأن التعددية هي رافد مهم من روافد التقدم القويم والصحيح، معنى هذا الكلام أنه في داخل مجتمع ما، مهما اختلفنا وطالما قبلنا الاختلاف وجعلناه بوابة للحوار وتبادل الأفكار، فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون نافعا للمجتمع برمته، لأن الاختلاف والحوار الذي قد ينتج عنه لا يغيران مقدار ذرة في وصال المختلفين، بل إنهما يفتحان مداركهم نحو تمثلات جديدة ربما كانوا على جهل بها، والاختلاف لا يفسد للود قضية.
من جهة أخرى، لا يمكن أن نفصل بين الاختلاف وطرق التواصل بين الناس، وهو ما يعبر عنه الكاتب ستيفن كوفي حينما يقول : “إن أعظم مشكلة نواجهها ونحن نتواصل هو أننا لا ننصت لكي نفهم، بل ننصت لكي نجيب”. وحينما يندفع المرء إلى الكلام دون أي محاولة لفهم آراء من حوله، فإن ذلك لا يمكن إلا أن يقوده إلى رفض الآخر، فهو يرفض حتى أن تتلقف أذناه خطاب الآخر، فكيف أن يمحصه ويرد عليه، لذلك فثقافتا الاختلاف والحوار لا تنفصلان، كما أن إحياء لغة الحوار هي أول خطوة نحو بناء مجتمع يؤمن بثقافة الاختلاف.

والخطير في تبديل المصطلحات بأن بتحويل الإختلاف الى “خلاف” ولن يستفيد ولن يربح أي طرف من ذلك الخلاف بالتأكيد لأنه من الأساس هو اختلاف فقط .

ثقافة الإختلاف هي بوابة العلماء، هي بوابة التنمية هي بوابة المحبة والمودة والتسامح هي بوابة تحقيق الأهداف والوصول وهي مبدأ أساسي في الدول العظمى والمجتمعات الراقية ولاعزاء للمتخلفين والجهلاء والفاشلين .

علي توينه
@Alitowainah

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.