(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
لقد آلمنا واحزننا جميعاً ككويتيين نبأ وفاة الراحل المغفور له باذن الله الشيخ ناصر صباح الاحمد، كيف لا وهو بريق الأمل الذي كنّا نعقد فيه آمالنا وتطلعاتنا كشعب، كيف لا وهو الذي كان بمثابة ناصر الاصلاح بخطواته الجريئة ومواقفه السياسية الصلبة ضد كل من سوّلت له نفسه في انتهاك مقدرات الشعب وأمواله، لقد كان رحمه الله الداعم الحقيقي حتى في مجالسه الخاصة للدستور الكويتي، مشددا على ضرورة احترام نصوصه والدفع نحو التمسك به وتعديله لمزيد من الحقوق والحريات المسئولة، لاعتقاده الجازم بأن هذا الشعب الوفي يستحق مثل هذا التطور الديمقراطي في بلده.
الشيخ ناصر صباح الاحمد على الرغم من قصر المدة السياسية التي قضاها أثناء توليه الحقيبة الوزارية، إلا أنه فرض اسمه في التاريخ السياسي الكويتي المعاصر، وأصبح الجميع، القاصي والداني في الداخل والخارج حتى على المستوى العالمي يعرف بأن هناك وزير في حكومة دولة الكويت وابن أسرة حاكمة بل ابن رئيس الدولة حينها قام بمجموعة من التحركات الاصلاحية العملية على أرض الواقع في سبيل محاربة الفساد والقضاء عليه.
لقد رحل ناصر الامل، رحل ناصر الذي كان متأثراً بشخصية المغفور له باذن الله الشيخ عبدالله السالم الصباح (ابو الدستور)، رحل وترك خلفه الشعب الكويت يصارع امواج عاتية من الفساد الذي نخر في مؤسسات الدولة، لكنها حكمة المولى عز وجل ولا نقول الا ما يرضيه سبحانه فإنا لله وانا اليه راجعون.
لفتة
على الصعيد الشخصي للراحل رحمه الله ومن باب ذكر محاسن الاموات، شاهدت كغيري من المواطنين مقاطع مصورة للشيخ ناصر مع (عماته) يزورهن حتى في بداية مرضه وانشغالاته بمسئولياته فقد كان واصلاً بأرحامه وكذلك اذكر في مرة من المرات اتحدث مع العم الغالي أ.سالم نافل العجمي (ابونافل)، وهو من اقرب الاشخاص والاصدقاء المقربين له، نتحدث حينها عن بعض الجوانب الانسانية للشيخ ناصر فادهشني باحدى تلك المواقف الانسانية، لقد كان رحمه الله يخصص يوماً من كل عام يجتمع فيه مع مجموعة كبيرة من الاطفال الايتام في مزرعته الخاصة بمنطقة الصليبية، يقيم لهم فيها الفعاليات الخاصة ومآدب الطعام والمسابقات التشجيعية وتوزيع المكافآت والهدايا عليهم، وفي السنة الاخيرة أثناء تواجده في الخارج لتلقيه العلاج أخبر أحد موظفي مكتبه بأنه أبلغ اللجنة المسئولة عن هؤلاء الاطفال الايتام اعتذار الشيخ ناصر لتواجده خارج البلاد وتلقيه العلاج، فرفض رحمه الله وأصر على إقامة هذا الحدث السنوي لهم وكان ايضا بمشاركته معهم فقام رحمه الله بالتواصل معهم من خلال (الفيديو كول والبروجكتر) وحاول قدر المستطاع أن يوصل سلامه وتحياته لابنائه الاطفال الايتام عبر التقنية الحديثة وبالفعل استمر هذا الحدث السنوي ولم ينقطع حتى اثناء علاجه من مرض السرطان وهو خارج الكويت، فعلا فقدنا شخصية فذة رحمة الله عليه فهل هناك قياديين منشغلين بقدر انشغالات هذا الرجل سواء السياسية او الصحية وفي نفس الوقت يحرصون كل الحرص على مثل هذه الامور الانسانية!؟
– نسأل المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان.
السعيد احمد يوسف السعيد
أضف تعليق