آراؤهم

العفو الخاص في الكويت.. بوابة استقرار ومطلب الشارع

أصبحت قضية العفو، مطلبًا إنسانيًا ملحًا في الشارع الكويتي يريد منه الكويتيون أن تبقى بلادهم حضنًا لكل أبناءها بغض النظر عن التجاذبات السياسية ومحاولات بعض الأطراف استغلال تلك الورقة.. ونتيجة ذلك اتجهت الأنظار وتعلقت القلوب بعفو سام كريم يغلق الباب على مسألة سببت جمودًا واختناقًا في المشهد السياسي العام للبلاد..

إن أهمية قضية العفو تنطلق من كونها تغلق الباب أمام استخدامها من البعض لرفع ما اسموه بالظلم عن المبعدين والمهجرين.. كما تلغي صراع الحكومة والبرلمان حول هذه النقطة للانتقال إلى خطوات فعلية في مواجهة أزمات البلاد الحقيقية.

ومع تحقيق العفو قد يتحقق تصفير المشهد ككل بعد إصدار العفو السامي لتحقيق أكبر نقلة في معالجة الأزمات التي تعيشها البلاد.

مؤخرا تصدرت قضية العفو أولويات الشارع الكويتي المحتقن بحيث يضمن الخروج بحلول لهما تحقيق استقرار فعلي في البلاد بشكل ينعكس على تعاضد الجبهة الداخلية في الكويت في هذه الفترة العصيبة (والتي أكدت خطابات سمو أمير البلاد السابقة حساسيتها وضرورة التعاضد لتجاوزها)..

صراع واستقطاب

استمرت أجواء استقطاب في المشهد البلاد السياسي بين الحكومة ونواب معارضين يصرون على استجواب سمو رئيس الوزراء، حيث تتهم بعض الأطراف الحكومة بعدم التعاون مع البرلمان.. في خطوة تصعيدية جمعت في مرحلة سابقة أصواتًا كبيرة من النواب وتحولت لمعركة تكسير عظام بين الطرفين، لكنها جعلت من أزمة المهجرين في الخارج على الهامش لخضوعها لحسابات ومناكفات خاصة في إهمال للأزمات الحقيقية التي تواجه اقتصاد البلاد المعتمد على النفط من هبوط أسعار الخام والتداعيات الناجمة عن انتشار فيروس كورونا.

البعد المجتمعي

تحكم الشارع الكويتي معايير قد لا تتقاطع مع خطط بعض الأطراف، لذلك نجد أن العفو يطالب به – بشكل فعلي – ممثلي الشعب في داخل الكويت مع جناح الكويتين المبعدين في الخارج.. فتحولت قضية العفو عن المبعدين همًا مجتمعيًا وأرقًا للشارع الكويتي المعروف بلحمة أفراده وترابط أبناءه وتداخلهم عائليًا وعشائريًا وقبليًا وحملهم لذات الهموم والتطلعات.

جهود خاصة

تدرك الحكومة وأجنحة البرلمان أهمية العفو الخاص وضرورته الحالية، فكثر في الفترات الماضية التأكيد على قرب انتهاء هذه الأزمة.. إلا أن المؤشر الأبرز على حلحلة الملف، تسليم القضية للوزير عبد الله الرومي الذي شكل نقطة فارقة ومفصلية في هذا الملف مع رصيد الرجل الشخصي من العلاقات الممتازة مع مختلف الأطراف وقبوله لدى أركان المعارضة عبر تمثيله الحكومة.

الوزير الرومي ذو شخصية “تصالحية” ليس لديه خلافات مع طرف لاسيما وأنه غير محسوب على الحكومة والسلطة – رغم توزيره- ويشهد له الحياد في قضايا مفصلية ومهمة وعلاقته ممتازة مع النواب السابقين الموجودين في تركيا (خصوصًا مع مسلم البراك).

وتمثلت جديّة الرومي في تحقيق ملف العفو الخاص، عبر تقديمه استقالته مؤخرًا بسبب الجمود الذي أحاط بالقضية، ما أكد رغبته وسعيه الحثيث لإنجاح العفو الخاص وإعادة المبعدين لأرض الوطن ولعل هذا ما انعكس على رفض قبول استقالته.

ختامًا إن حساسية المشهد وتعقيد التوقيت يتطلب تضافر جهود الجميع لحل هذه الأزمة العابرة والسماح لصوت العقل أن يأخذ مجراه يتطلب من كل الغيورين على الكويت وأهلها السعي الحثيث لإعادة أبناء الوطن المبعدين ومنع محاولات تدمير الحياة السياسية عبر تخريب جلسات مجلس الأمة عبر تكرار الخصومة والإستجواب والمناكفة المستمرة داخل المجلس بين الحكومة والمعارضة.. فالتهدئة في بعض القضايا ضرورة وواجب والكويت فوق الجميع.

مشعل البادي

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.