بعد أربعة أشهر متتالية من المكاسب، قد يبدو ارتفاع السوق منذ عام حتى تاريخه بنسبة 12% تقريبًا سببًا لكسر هذا الاتجاه الصعودي الجامح،كما أن العديد من المستثمرين لديهم مخاوف مستمرة من أن مستويات التضخم المرتفع ستجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على التوقف عن شراء الأصول أو حتى رفع أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعًا، ثم هناك مقولة مفضلة في وول ستريت وهي “البيع في مايو واستبعد” والتي تشير إلى تجنب السوق تمامًا حتى ما بعد سبتمبر.
في حين أن المخاوف قد تكون باقية في نفوس المستثمرين، إلا إنها لا يتم ترجمتهاعلى أسعار تداول الأسهم في الوقت الحالي، علاوة على ذلك، فإن مؤشر التقلب CBOE المعروف باسم VIX يقترب من أدنى مستوياته في 2021، في إشارة علي أن المستثمرين المحترفين يتوقعون تقلبًا منخفضًا في السوق خلال الثلاثين يومًا القادمة.
لكن عند النظر إلى ما هو أبعد من أسعار الأسهم، سنجد علامات أخرى على حدوث تغيير في المعنويات، حيث شهد مؤشر الخوف والجشع تحولًا مثيرًا جدًا في شهر مايو من قراءة الجشع 61 نقطة إلى قراءة الخوف عند 39 نقطة على مقياس من 100 نقطة.
مؤشرات انهيار سوق الأسهم
وفقًا للتحليلات الفنية انتهكت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك المركب المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 يومًا (SMA) ثلاث مرات في بداية شهر مايو، ويتصارع المؤشر النقدي مع المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 يومًا على الإطار الزمني اليومي أيضًا، هذه علامة مبكرة على انهيار محتمل في سوق الأسهم، والسبب في ذلك هو أنه إذا كان المضاربون على الارتفاع سيظلون مسيطرين على السعر، فإن مؤشر ناسداك النقدي والعقود الآجلة يحتاجان إلى البقاء فوق المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 يومًا.
لماذا يمكن أن ينهار سوق الأسهم؟
فشلت شركات التكنولوجيا الكبيرة في تحسين المعنويات، فقد أبلغ عمالقة التكنولوجيا الخمسة الأولي وهم شركة ألفابيت وآبل وفيسبوك وميكروسوفت وأمازون عن أرباح فصلية غير عادية في الشهر الماضي متجاوزة التوقعات، على الرغم من حقيقة أن مؤشر ناسداك قد انخفض.
وصلت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى إلى مستويات عالية جديدة منذ العام الماضي، ويعتقد المحللون أن الأسواق على وشك التصحيح حيث يتعافى الاقتصاد بسبب الانخفاض في حالات الإصابة بفيروس كورونا، يمكن ملاحظة هذه الظاهرة في سعر سهم جوجل الذي انخفض بنسبة 1.66% وسعر سهم أمازون الذي انخفض بنسبة 5.68% في الأيام التي تلت اصدار تقارير الأرباح الفصلية على الرغم من تحقيقها أرباح ممتازة.
هذه علامة تنذر بالخطر وهذا يجعل الكثيرين يتساءلون عن طبيعة قوة سوق الأسهم وفقاعة محتملة في السوق.
أثار الارتباك من قبل يلين
تعليقات وزيرة الخزانة الأمريكية “جانيت يلين” بشأن التضخم حيرت المستثمرين في وول ستريت، فقد صرحت في وقت سابق أنه قد يتم رفع أسعار الفائدة لمنع الاقتصاد من الانهاك والسيطرة على التضخم الناجم عن الانتعاش في حالات كوفيد وزيادة الطلب.
تسببت تعليقات يلين في انخفاض سوق الأسهم، مما يعني أن إدارة بايدن أدركت أن التضخم هو مصدر قلق متزايد، ولكنها تراجعت عن ملاحظاتها في وقت لاحق، قائلة إنها لا تعتقد أن التضخم يشكل مصدر قلق،وأضافت إنها لا تُملي على البنك الاحتياطي الفيدرالي ما يجب أن يفعله، في محاولة لضمان استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي، ومع ذلك، فإن الارتباك الذي تسببت فيه لن يختفي في وقت قريب ومن المرجح أن يجد المتداولون أي عذر لبيع سوق الأسهم.
ضريبة الأرباح الرأسمالية
أثار اقتراح الرئيس الأمريكي”جو بايدن” بزيادة ضريبة أرباح رأس المال قلق المستثمرين ولا يزال هذا يمثل تحديًا، لقد رأينا موجات صدمة خطيرة في سوق الأسهم، وإذا حصل القانون على الضوء الأخضر من مجلس الشيوخ، فقد يحدث انهيار في السوق.
في انتظار تغيير بنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته
من المقرر أن يجتمع البنك الاحتياطي الفيدرالي يومي 15 و 16 يونيو،وكما هو الحال مع الاجتماعات الأخيرة، لا يتوقع محللو السوق أي تغييرات كبيرة في السياسة النقدية، مما يعني أنه من المرجح أن يترك صانعو السياسة أسعار الفائدة عند مستوى قريب من الصفر ويستمرون في شراء 120 مليار دولار من السندات كل شهر.
في مرحلة ما في الأشهر القليلة المقبلة، سيحتاج صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي إلى تغيير رسائلهم،ويرجع السبب في ذلك إلى أن موقف البنك المركزي بأن التضخم “مؤقت غير مستدام” يتعارض بشكل متزايد مع إجراءاته المتمثلة في الاستمرار في شراء السندات، مما يزيد المعروض من النقود في الاقتصاد ويمكن أن يغذي التضخم.
في حين أن صانعي السياسة قد يلتزمون بسياستهم النقدية خلال فصل الصيف، ولكن عندما يتعلق الأمر بالرسائل الحالية فإنه من المرجح إما سيتراجعون عن ادعائهم بأن التضخم مؤقتًا أو سيبدأ ونفي جعل السوق مرتاحًا لفكرة تقليص مشتريات السندات.
يعتبر مراقبة اجتماعات البنك الاحتياطي الفيدرالي دائمًا أمر بالغ الأهمية، فإذا تم فهم سياسة البنك الاحتياطي بشكل صحيح فسوف يحصل المستثمرون على رؤية جيدة لاتجاه السوق المستقبلي بشكل صحيح.
يوافق أغلب خبراء الاقتصاد على أن الرسائل الصادرة من البنوك المركزية ستبدأ في التحول في الأشهر المقبلة، وقد أظهر محضر اجتماع أبريل أن موضوع التناقص التدريجي في السياسة التحفيزية قد تم طرحه، لذا فإن السؤال عن موعد بدايته سيصبح أكثر تركيزًا.
ويشير الخبراء أن الأولوية الأولى للبنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون تقليص شراء السندات بدلاً من رفع أسعار الفائدة، في الوقت الحالي، يرى المتداولون احتمالًا بنسبة 7% فقط لرفع سعر الفائدة بحلول نهاية العام، وقد وعد صانعو السياسة بالإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة في المستقبل المنظور.
ترقب البيانات الاقتصادية الرئيسية: تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي والوظائف والناتج المحلي الإجمالي
عند الحديث عن التضخم، سيلقي السوق نظرة خاطفة على مقياس الأسعار المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي وهو مؤشر إنفاق الاستهلاك الشخصي لشهر مايو (PCE) الذي سيصدر في 25 يونيو، الارتفاع بنسبة 3.1% في تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية لشهر أبريل والتي تستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة كانت أعلى مما توقعه الاقتصاديون ولكن أقل مما كان يخشى بعض مستثمري وول ستريت.
لا يعتقد العديد من الخبراء أن التضخم المرتفع سيكون مؤقتًا، كما وعد الاحتياطي الفيدرالي مرارًا وتكرارًا، ومن المرجح أنه سيتسارع وليس يتباطأ.
من المرجح أن يكون تقرير الوظائف الشهري لشهر مايو والمقرر إصداره في 4 يونيو مثيرًا للاهتمام للسوق، ويرجع ذلك إلى أن تقرير أبريل أظهر تباطؤًا كبيرًا في التوظيف، لذلك سيراقب المستثمرون ما إذا كانت بعض عمليات التوظيف قد امتدت إلى شهر مايو، والتي ستكون أخبارًا جيدة حقًا من الناحية الاقتصادية.
يمكن أن يؤدي سوق العمل القوي إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة لآجل 10 سنوات ويؤدي إلى استمرار تفضيل المستثمرين للأسهم ذات القيمة بدلاً من الأسهم النامية، إلى جانب وتيرة النمو الاقتصادي والتفاؤل النسبي بين المستهلكين الأمريكيين يمكن لتقرير الوظائف أيضًا أن يعطي مزيدًا من المصداقية لحجة التضخم.
كيف تستثمر في يونيو؟
لا يزال التضخم هو القضية الرئيسية للسوق، من المرجح أن تبقي مخاوف التضخم مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في نطاق ضيق جدًا حتى أوائل يوليو، وبحلول شهر يوليو ستبدأ الشركات في الإبلاغ عن نتائج أرباحها للربع الثاني، حتى ذلك الحين من غير المرجح أن يتجاوز مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مستوى 4200.
علاوة على ذلك، لا يوجد حافز واضح لدفع السوق إلى أعلى بكثير على المدى القصير، كما ستظل الأسهم القيمة أكثر جاذبية من الأسهم النامية.
أخيرًا، يعد السوق مهيأ لبعض التقلبات في الصيف، ومن المحتمل حدوث تصحيح في السوق، على الرغم من أن المستثمرين لا يستطيعون التنبؤ بالسبب في الوقت الحالي، لكن هناك شيء ما سيخلق اضطرابًا في وقت أو آخر.
أضف تعليق