ونحن الآن أو حتى وقت كتابة ونشر المقال، قاب قوسين أو أدنى، من حصاد الحوار الوطني، ودنت ثماره، وأتمنى وأقول هنا أتمنى، أن يقطفه القاطفون، لتقفل دائرة لازلنا منذ أكثر من عقد ونحن ندور فيها، ولكن ما الخطر الذي ذكرته في عنوان المقال؟ الخطر أن ينهار هذا الحوار ولا ينتج شيئاً، نعم عزيزي القارئ ربما قد تظن أنني ضد الحوار الوطني وخصوصا وما قيل عنه من أقاويل حتى ارتاب المرتابون، وارتجفت له الفرائص وبلغت القلوب الحناجر بعد كل يوم يجري فيه الحوار بصمت، لماذا أنا معه؟
أولها، اننا لسنا استثناء على البشرية، في كل بلد يوجد هناك فريقان بل فرقاء كثير، متخاصمون، هذه طبيعة الحياة الانسانية، من العائلة الصغيرة الى المجتمع ثم الدولة، أراء كلا له لونه ورؤية، ولكن بسبب طبيعة نظامنا الديموقراطي ثم الحرية وإن كانت جزئية، يصبح المشهد شفافاً أكثر منا حولنا من دول، ولكن الخطر كل الخطر أن يصبح الأمر صفريّ، ويريد فريق أن يقصي الآخر نهائيا ولا يسمع له همسا، لذلك الحوار الوطني هو الحل، ينزل الجميع لطاولة واحدة، يتنازل كلا عن ملف أو ملفين ويتبادلون الملفات، وهذا حال السياسة منذ وجدت، تتشابك خطوط وتفترق، ويقف الخصمان على من تشابك منها ويتركون ما يفترق، ولسنا استثناء!
ثانيها، أن الاقاويل التي تحاول قتل الحوار، لا تجري مجرى اليقين وليست الا ظنوناً غير رسمية، والظن لا يغني عن الحق شيئاً، والحق هنا أننا سنجمع فريقين وصلوا لنقطة اللاعودة واللااتفاق حتى شلت البلد!، وثالثها أن الحكومة المتمثلة بمجلس الوزراء ورئيسها تحديدا، لا يمثل نفسه وانما يمثل نظاماً سياسياً له مئات السنين، وأقصد هنا الاسرة الحاكمة، ومن حق هذه الحكومة أن ترى نفسها ذات اليد الأطول من حيث إرثها السياسي والخبرات المتراكمة، في أن تكون بهذا الوقت ألا تتنازل كلياً بل تتحاور، وربي هذا الحوار لانجاز للفريق الاخر أكثر من فريق الحكومة التي كما أسلفت ترى نفسها وهي محقة ذات إرث سياسي وفي ادارة الحكم أكثر وأكبر وأعمق من أي خصم داخلي، وعلى الفريق الآخر أن يقدر ذلك ويقدر جلوسها على كرسي المفاوضات، ثم يعطي بوزن ما يأخذ ولو اضطر لأخذ القليل.
وأخيرا، البلد منقسم ونتائج الانتخابات آيةُ ذلك، آية أن فريق المهجرين يكبر وينمو، والفريق الآخر أيضا يزداد قوة، وكل ما دون ذلك أعراض لمرض الانقسام هذا، متى ما زال المرض زال العرض كما يقول الطب، والدولة تمرض ومرضها الاحتقان السياسي والصفرية في التعامل، لذلك أدعوا الله ثم أشد على أيدي المتحاورين كي لا يموت هذا الأمل الخير الذي سيعيد أحبابنا أولا بعد سنوات من الفراق، سواء مهجرين تركيا أو حتى أولئك الذين أفرزهم ذاك الاحتقان من أصحاب قضايا رأي وغيره، وهم غير ملومين، المناخ وقتئذ كان من الطبيعي أن يفرزهم ولو حفظ الله لأفرزنا معهم.
أسأل الله وأسأل بعد ذلك ألسنة الناس بأن يعصموها، أن لا يموت آخر أمل، لو الكف حتى حين، فالمشهد الى الآن ضبابي، ولا نستطيع التنبؤ والتكهن بأن الحوار غير جيد أو ليس من صالح أحد، دون خبرٍ يقين وفي ذلك الحين، فليعمل العاملون ما بدى لهم، وليس الخبر كالعيان.
عبدالعزيز عمر الرخيمي
احسنت يا بو عمر مقاله أثلجت الصدر اخوك عبدالله سند المطيري