آراؤهم

تعاون .. لا تخاون

“يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها” كما نصّت بذلك المادة (50) من دستور الكويت. فمقوّمات النظام قاعدتين؛ قاعدة الفصل بين السلطات، وقاعدة التعاون فيما بينها، وبفقدان إحداهما يختل توازن نظام الحكم، وهو ما عايشناه خلال دور الانعقاد المنصرم مما دعى المقام السامي بتوجيه السلطتين التنفيذية والتشريعية لحوار وطني يسعى نحو “تهيئة الأجواء” و”توحيد الجهود” و”تعزيز التعاون” و”نبذ الخلافات” و”حل كافة المشاكل” و”تجاوز العقبات” ويهدف لـ”تعزيز مسيرة العمل الديمقراطي” من خلال “التمسّك بالدستور”.

إن الدعوة الموجهة من قبل أبو السلطات لهي بمثابة اعتراف بوجود المشكلة، والاعتراف بالمشاكل متى وجدت هو أول بوادر حلها، ومما يستدعيه اعتراف كهذا تحديد أسباب المشكلة ومسببيها وحلولها وضمانات انعدام تكرارها مجدداً. وهذا الذي أظنه مدار النقاش الذي جرى في جلسات الحوار الوطني بين مدعويه وعلى الأخص ممثلي الأغلبية النيابية.

في بحث المشكلة علينا التأكيد بأنه لم تكن إعادة تكليف صباح الخالد رئيساً للوزارة هي المشكلة، إذ استطاع من خلال إدارة جيدة للجائحة ثم الانتخابات النيابية كسب ثقة شعبية كان يتهافت عليها من سبقه دون جدوى، لكن المشكلة الحقيقية هي عدم التزامه بالمضامين الدستورية التي تلزمه وتلزم كل رئيس للوزراء بإعادة تشكيل وزارته بعد الانتخابات بما يتوافق مع مخرجاتها، لكنه أتى بتشكيلة لا تتماشى مع تلك المخرجات وعلى الأخص بإعادة أنس الصالح الذي كان الطعن بسياسته في الانتخابات سبيلاً لفوز مرشحين، والتبرير له سبباً في خسارة آخرين.

وإذا كان لازماً عليه تشكيل وزارته بما يتوافق مع مخرجات الانتخابات، فإن من لوازم السياسة كذلك الاتفاق مع أغلبية هذه المخرجات على انتخاب رئيس تتقبله، ومكتب مجلس ولجان ترتضيها هذه الأغلبية، فيما صنع صباح الخالد النقيض بتفضيله لمرزوق الغانم مرشح الأقلية وبتمكينها من مكتب المجلس واللجان مبتدراً هجوماً عنيفاً غير مفهوم لا ضد الأغلبية النيابية تحديداً! بل ضد الإرادة الشعبية التي أوصلت تلك الأغلبية لمجلس الأمة.

وعلى ما سبق، فإن الوزارة التي عليها مراعاة المخرجات النيابية في تشكيلها، عليها كذلك مراعاة أطروحاتهم الانتخابية في برنامجها المقترح، لا الضرب بعرض الحائط لتلك الأطروحات وعرض ما يناقضها من برنامج وتقديم مشاريع ضدها، فإن أطروحات الأغلبية النيابية هي أطروحات الشعب الذي على الحكومة ورئيسها الذي يريد ترميم ثقته أمامهم الأخذ بها والسعي لتحقيقها ما وسعه الجهد.

لما كانت إعادة تكليف صباح الخالد مجدداً بعد الحوار الوطني أمراً أميرياً منحه فرصة عظيمة لتصحيح أخطائه، فإننا نترقب تشكيله لوزارة متوافقة مع الأغلبية النيابية وتتبنى أطروحاتها وتسعى جاهدة لتحقيقها واقعاً حتى يثبت توازن نظام الحكم بتعاون السلطات.

خالد اسنافي الفالح

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.