زال الروث الذي يخصب التربة ويجعل الغلال تنمو، الروث الذي يقرص أقراصا رقيقة طرية أشبه بأقراص العجين ثم يباع إلى بنائي القرية الذين يستخدمونه لضمان وتقوية جدران أبنيتهم الهشة المصنوعة من الطين..
الروث الذي يجتاز بنزوله من مؤخرة الماشية طريقا طويلا لتفسير مكانتها الإلهية المقدسة، اجل أني لمخطئ، الروث هنا جاف ومقطع ومفيد.. أما روث آمريستار فهو طري جديد تنبعث منه الرائحة (وذلك أسوأ) ولم يكن كله بقريا، بل كان بعضه من الخيول المشدودة لأعمدة العربات، والبعض الآخر من البغال والكلاب، بل والناس الذين يقضون حاجتهم الطبيعية في الزوايا…وقد اختلط ذلك كله في وحدة عجيبة..”
كانت تلك فقرات من رواية “أطفال منتصف الليل” لسلمان رشدي، فهل كان هادي مطر الذي غرس السكين في رقبة وكبد الروائي في منتدى ثقافي بنيويورك قد قدم خدمة جليلة للأمة الإسلامية بمحاولة القتل السالفة، وهل تم الانتقام للإسلام من رواية “آيات شيطانية” التي لم يقرأها وبالتأكيد لا يعرف شيئا عن أي عمل أدبي آخر قدمه سلمان رشدي! ماذا عن الذي طعن الأديب الراحل نجيب محفوظ قبل سنوات، وماذا عن قتل فرج فودة، وماذا عن مجزرة صحيفة شارل ابدو في باريس عام ٢٠١٥ ، او قتل المخرج الهولندي فان غوخ …
لنقف هنا فقائمة غزوات النصر الإسلامي لا تنتهي، هي غزوات تؤكد فشل هذه الامة وخيبة الفقهاء ومريدهم وأنظمة حكمها في حلحلة الوعي الإنساني – الحضاري، أمة لا تعرف شعوبها معنى حرية التعبير والجدل ولا تدري عن شيء اسمه حق الاختلاف في قراءة التاريخ، وهي الامة التي كانت في يوم ما رائدة في الفنون والعلوم و شكلت رافدا للحضارة الأوروبية.
وضع سلمان رشدي كتابا بعنوان “مقالات في النقد الادبي عن أوطان خيالية من عام ٨١ – ٩١ “، وصف فيها حالته النفسية بعد فتوى الإمام الخميني بحل دمه “.. في مواجهة مؤامرات الغدر التي يضج بها عالمنا الإسلامي، أقر الآن بكل أسى بأني عاجز تماما عن دفع الثقافة الإسلامية لعالم كنت أحلم به، عالم تقدمي حي، فيه مكان واسع للشك والنقد وتقبل الرأي الاخر..” طبعا فشل سلمان رشدي ومعه وقبله كل رواد الفكر الإسلامي في مشروع الحضارة.. ونجح هادي مطر وداعش والقاعدة وكل ابطال الجهل والإرهاب في مشروع قبر هذه الامة لقرون طويلة قادمة.
حسن العيسى
أضف تعليق